نشرنا فى صفحات القواطع عن موضوع القواطع عن المهيمن من كتاب المرشد الوجيز، وها نحن فى هذا الباب نستكمل الموضوع بجوانب أخرى تكمله حتى تعم الفائدة:

 

 

رحمتك ... يارب

 

اتصل بى واحد من حبايبنا، وقال إنه عامل قعدة كده بتلم الحبايب والأصدقاء بتوع زمان، ومن المعزومين صديقى، فذهبت إلى مكان الدعوة مبكراً لعلى أجد صديقى فأستفسر منه عن اللى أشار إليه فى المرات السابقة عن الخبير، وأن لكل واحد مرشد، وغير ذلك من الأسئلة، ولكنى فوجئت بعدم وجوده، وعلمت من صاحب العزومة أن صديقى سوف يتأخر قليلاً قلت فى نفسى مش مشكلة مادام جاى، وسلمت على الموجودين من أصحاب زمان وكأنى لأول مرة أعرفهم فقد اختلفوا تماماً شكلاً وموضوعاً، المهم جه الشاى وكم طبق جاتوه، فأكلنا وشربنا، واحنا بنفكر بعض بأيام زمان واللى كان بيحصل فيها ... الكلام خدنا من موضوع لموضوع حتى وصلنا بالكلام فى رمضان وما حدث ويحدث كل عام من الناس من مخالفات، فقلت لهم: يااخوانا ربنا رب قلوب، ومالناش حق نحكم على الناس بالفساد بدون دليل واضح و... فقاطعنى واحد منهم قائلاً: يعنى نبقى ماشيين فى الشارع فى عز الظهر فى رمضان ونلاقى واحد ماسك سيجارة وبياكل أو بيشرب عينى عينك كده، وتقولى مافيش دليل ... ياأخى دا الحديث بيقول (من رأى منكم منكراً فليغيره ...) فقلت: ده مش دليل يخلينى أضربه أو أشتمه و... فقاطعونى قائلين: إزاى مش دليل؟ ده بيقول لك: بياكل علناً ... فقلت: مش ممكن يكون الشخص ده على غير دين الإسلام؟ مش ممكن يكون مريض بمرض لا يقدر معه على الصوم؟ بلاش كده حا افترض معاكم إنه بصحة جيدة ومسلم موحد بالله، لكنه مش قادر يصوم ... يبقى نكلمه الأول بالحسنة علشان نعرف الأسباب، وكل داء وله علاج، مش كده؟ فهزوا رؤسهم بالموافقة إلا صاحبنا، ولقد لاحظت وكأننى قد قتلت عزيز، وانتقلنا من موضوع إلى أخر، حتى وصل بنا الأمر إلى موضوع الصوفية وما يفعلون، فالتفت إلىَّ صاحبنا إياه قائلاً: إيه رأيك ياصاحب الدليل والبرهان؟ فقلت: رأيى فى إيه؟ فقال: فى البدع والشرك اللى بيعملوه عند مقامتهم اللى بيزوروها، وفهمت إنه عاوز يدخلنى فى حتة يهاجمنى منها، فقلت فى استعباط: هم بيعملوا إيه بالضبط؟ فرد قائلاً: ياراجل بقى انت مش عارف إنهم بيروحوا يبوسوا حديد المقام وعتب الباب هناك قال إيه بيتباركوا ... مش كده وبس ... دول بيطلبوا من صاحب المقام يافلان اشفينى ... ياسيدى فلان نجح ابنى ... ياسيدى فلان اعمل وسوى ... كل ده بدعة وشرك فقاطعته قائلاً: هو البوس بدعة وشرك؟ فرد قائلاً: لأ ... أنا اقصد بوس حديد المقصورة بتاعت المقام، فقلت: يعنى بوس أى حديد تانى غير حديد المقام مش بدعة ولا شرك؟ وأحس بالفخ الذى نصبته له، فلم يرد، وَسَكت فترة لكى يرد فلم يفعل، فانطلقت أكمل كلامى فى سخرية قائلاً: يعنى ياأخى لما تبوس الحديد يبقى بدعة وشرك، ولما تبوس مراتك تبقى عبادة؟ شوف من كلامك ده مش شايف عندك اعتراض إلا على البوس والطلب من صاحب المقام، فرد قائلاً: وهو ده شوية؟ فأسرعت قائلاً: طيب لو خلّينا الناس تبطل تبوس الحديد، وتبطل تطلب من صاحب المقام ... سيادتك حاتزور مثلاً سيدنا الحسين؟ وكأنى ضربته على دماغه ضربه لم يستطع منها الرد، فكررت السؤال حاتزور؟ ونظر الموجودون إليه فى انتظار أن يجيب السؤال، وأحس بالحرج، وحاول الرد، ولكنه تلجلج فى كلامه، ثم قال: لأ، فقلت له: ليه؟ فسكت قليلاً، ولم يجد عنده إلا هذا الجواب: لإن الصلاة فى المساجد اللى فيها مقامات حرام ...، وانتظر الموجودين أن يكمل، ولكنه سكت، فالتفتوا إلىّ ليسمعوا ردى فقلت: أنا سألتك حاتزور؟ مش سألتك حتصلى؟ خلاص بلاش السؤال ده أنا عاوز منك تفهّمنى حاجة ... اتعدل فى جلسته، ورد الدم فى وجهه، وقال: خير ... إسأل، فقلت: يعنى إيه كلمة بدعة؟ معلش عاوزك توضحها لنا كده ... فرد قائلاً: البدعة ببساطة شئ مستحدث على أمر ثابت، أحاول أوضح أكثر بالأمثلة، مثلاً الإحتفال بالمولد النبوى، لم يحتفل به فى عصر الرسول ولا عصر الخلفاء و... فقاطعته قائلاً: كويس أوى ... يعنى البدعة زى ما بتقول شئ مستحدث على أمر ثابت، يبقى لما ناخد الكلام ده سند ودليل يبقى بوس الحديد والعتب بدعة، فأشار برأسه موافقاً، فقلت: يبقى الأمر الثابت هو الزيارة ... يبقى ليه محرم الزيارة للمقامات؟ وكررت السؤال بصوت أعلى، فلم يستطع الرد ... ورد أحد المؤمنين بأفكاره قائلاً: ونزور ليه؟ ونظرت إليه، وفوجئت بأن صديقى جالس بجانبه، وأردت أن يقوم هو بالإجابة، فرد قائلاً: هم بيسألوك انت ... جاوب، وقلت فى نفسى: بقى أنا باستنجد بيك ... تقوم تحطنى فى وش المدفع، والتفت إلىّ من سألنى، وقلت: انت قلت إيه؟ فضحك وقال: انت نسيت، أو مش عارف تجاوب، ودعوت ربنا فى داخلى وطلبت أن يهدينى للجواب الصح، وكأن طاقة من نور انفتحت فى دماغى، ودار فيها ما قاله صديقى عن محبة أهل بيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: ربنا سبحانه وتعالى ذكر أهل البيت فى القرآن بيبين قدرهم، فرد: ربنا قال إيه عنهم؟ فقلت ﴿رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ...﴾ هود 73، فرد قائلاً: الآية دى كانت لأهل بيت الخليل لما الملائكة جاءت وبشرت سارة بإسحاق ويعقوب، وبعدين جاءت الآية اللى انت بتستند إليها فى الرد ... فقلت: ما تمشى معايا خطوة خطوة ... أولاً: الملائكة هم اللى قالوا ﴿رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ يعنى الإخبار جه على لسان الملائكة بأن ربنا سبحانه وتعالى جعل رحمته وبركاته على أهل البيت ... مظبوط؟ فنظر إلىَّ يستكشف إن كان فى كلامى فخ أو لأ، ثم قال: مظبوط ...، فقلت: فى الكلام ده أدلة واضحة للأعمى إن الكلام ده بيخص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرد وهو يضحك: هه ... هه ... قول لنا ياسيدى إيه هى الأدلة دى؟ فقلت: الدليل الأول ... هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مش من نسل سيدنا إبراهيم الخليل؟ فقال: أيوه، فقلت: يبقى من أهل بيت سيدنا إبراهيم وتنطبق عليه الآية هو وأهل بيته، فرد الموجودون: والدليل التانى؟ فقلت: ربنا سبحانه وتعالى بيقول لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ الأنبياء 107، يعنى هو كله رحمة مش كده؟ طيب قبل ما أكمل كلامى، عاوز أسأل سؤال وتجاوبوا عليه، السؤال هو كل واحد فينا له أخ او اتنين أو أكتر، المهم كل واحد فيهم واخد من أبوه حاجة من الشكل أو الطبع ... مظبوط؟ فردوا: مظبوط، يبقى البشر العادى بياخد من طبع وشكل وخصال أبوه ... فما بالك بأبناء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حياخدوا أو لأ؟ طبعاً حياخدوا، بس خصال إيه؟ وطبع إيه؟ وشكل إيه؟ وجمال إيه؟ مش كده وبس حياخدوا رحمة يعنى ببساطة كده عندهم الخصال الحميدة، الدليل التالت، فردوا: هو فيه كمان دليل؟ فقلت: أيوه ... أنتم كل يوم بتصلوا خمس فروض ... ده غير السنة السنن والنوافل، كل جلسة تشهد أو فى جلسة التشهد فى الركعة الأخيرة، ده حسب كل مذهب ... بنعمل إيه؟ بنقول نصاً "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ"، يعنى رضينا أو لم نرضى الرحمة والبركة على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مش كده وبس دا احنا فى الصلاة بندعوا إن البركة ده يكون للآل فيها نصيب، والآل غير الأهل، وسكت فترة فى انتظار أى حد يرد، وكملت كلامى قائلاً: نرجع لسؤالك الأول بنزور ليه؟ انت لما تحب تصلح عربيتك، إذا كان العطل فى الموتور ... بتروح لمين؟ فرد: للميكانيكى، ولما تحتاج تصلح كهرباء فى البيت بتروح لنفس الميكانيكى؟ فرد: لأ ... أروح للكهربائى، فقلت: يعنى كل واحد له اختصاصه، إذا احتجته فى تخصصه رحت له، مش كده؟ فرد: أيوه، فقلت: عال ... أهل البيت من خصائصهم إعطاء الرحمة والبركة، يبقى إن زرتهم حينوبك من الحب جانب، يعنى لازم تاخد من الرحمة والبركة، عاوز ... زور ... مش عاوز، نزور احنا وربنا ينفعنا بزيارتهم وناخد الرحمة والبركة اللى الناس بتدور عليها ومش لاقيها، ونظرت إلى صديقى فوجدته وهو يحاول أن يكتم ضحكه ... وحاول شخص آخر أن يسألنى، ولكنى قاطعته قائلاً: أخونا فلان موجود، وهو أدرى منى وأعلم ... اللى عاوز حاجة يسأل فيها يسأله، وأشرت إلى صديقى، وتحولت ضحكته إليهم ... ولكننى ضحكت لأننى استطعت الهرب.

أحمد نور الدين عباس