يحاول بعض الناس أما عمدا أو جهلا أن يخدعوا أنظار المسلمين عما كان عليه السلف الصالح ويدعون معرفتهم ويتسببون فى حيرة الناس حتى أنهم ليتسائلون:

هل التوسل نوع من الشرك بالله؟ 2

 

نستكمل ما قلناه بالعدد السابق عن التوسل وبالله التوقيق فنقول الحديث المروى فى دلائل النبوة وشعب للايمان للامام البيهقى والذى يقول:

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الريالى بمكة، حدثنا محمد بن على بن زيد الصائغ، حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطى، قال: حدثنى أبى عن روح بن القاسم، عن أبى جعفر المدينى وهو الخطمى، عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف، قال: سمعت رسول الله وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال: يا رسول الله ليس لى قائد وقد شق على، فقال رسول الله (ائت الميضأة فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم قل: اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبى الرحمة، يا محمد، إنى أتوجه بك إلى ربى فيجلى لى بصرى، اللهم شفعه فى وشفعنى فى نفسى)، قال عثمان: فوالله ما تفرقنا ولا طال الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر قط. ا.هـ. وقد رواه النسائى فى السنن  الكبرى ومعجم الصحابه لابن نافع ومعرفة الصحابة لابى نعيم وجمع الجوامع للسيوطى والمستدرك على الصحيحين ومسند الامام احمد، اليس هذا توسل صريح بالنبى وبارشاد الحبيب المصطفى .

وحديث آخر عن توسل سيدنا آدم بسيدنا محمد والذى يقول:

حدثنا أبو عبد الله الحافظ، إملاء وقراءة، حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل إملاء، حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلى، حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهرى بمصر، قال أبو الحسن هذا من رهط أبى عبيدة بن الجراح، أنبأنا إسماعيل بن مسلمة، أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله (لما اقترف آدم الخطيئة، قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لى، فقال الله عز وجل: يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال: لأنك يا رب لما خلقتنى بيدك ونفخت فى من روحك رفعت رأسى فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله عز وجل: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلى وإذ سألتنى بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك) رواه البيهقى فى دلائل النبوة. فان ادعى المبطلون بان الحديث ضعيف قلنا لمن اراد الهدايه لقد اخرجه الحاكم فى المستدرك وصححه ورواه الطبرانى وصححه القصطلانى والزرقانى ويقول به اصحاب البصائر من اولياء الله الصالحين وهو توسل بالحبيب قبل وجوده فى مكة المكرمة وما هو العجب فى حب الله لحبيبه سيدنا محمد فمن اجله يعطى ومن اجله يمنع ومن اجله يرحم وقد ثبت فى السنه النبوية ان بسببه وبسبب سيدنا موسى خفضت الصلاة من خمسين صلاة الى خمس صلوات وفى الأجر خمسين رحمة كبرى لأمَّةِ سيد الخلق الذى أرسله الله رحمة للعالمين.

ومن صور التوسل الصريح فى كتاب الله تعالى الآية التى تقول ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِ﴾ البقرة 248.

ونقول وبالله التوفيق: هذا التابوت كانوا يسننصرون به على الاعداء وفيه سكينة أى طمأنينة وان شئت اقرأ التفاسير لتعلم ان هذا التابوت اجمع المفسرون على انهم كانوا يستنصرون به به على الاعداء, وما الذى كان فى هذا التابوت؟

﴿وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾

من تفسير ابن كثير: قال ابن جرير: أخبرنا ابن المثنى حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد عن داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس فى هذه الآية ﴿وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾ قال: عصاه ورضاض الألواح. وكذا قال قتادة والسدى والربيع بن أنس وعكرمة وزاد: والتوراة.

وقال أبو صالح ﴿وَبَقِيَّةٌ﴾ يعنى: عصا موسى وعصا هارون ولوحين من التوراة والمن.

وقال عطية بن سعد: عصا موسى وعصا هارون وثياب موسى وثياب هارون ورضاض الألواح.ا هـ

اليس هذا توسل وتبرك صريح بهذه البقية التى تركها آل موسى وآل هارون مثل العصى والثياب وفتات الواح سيدنا موسى وليست اى الواح اخرى.

واضافة آل الى موسى وهارون فيه دلالة كبرى على جواز التوسل بمن اتبعوهم وآلو إليهم فباتباعهم تحصل البركة والشرف.

وآية اخرى تقول:

﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِى هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا﴾ يوسف 93. فلماذا لم يدعو لهم الله وفقط؟

وما دخل القميص فى الموضوع؟

عندما يضعوا القميص على وجه ابيهم اليس هذا توسل منهم بسيدنا يوسف؟ بلى هو توسل بنبى الله يوسف والمتوسل اليه هو الله عز وجل. واذا كان التوسل بهذه الاشياء شرك لما ذكرها المولى تبارك وتعالى فى كتابه, ولكن هذا تشريع من الله عز وجل لعباده واعلاء لشأن المتوسل به وتعليم لنا على لسان أنبيائه وعباده الصالحين لنا.

عندما يأمر الله تعالى ملائكته أن يسجدوا لآدم لكى يكون قبلة لهم, هذا اعلاء من شأن سيدنا آدم ولكن حقد واستكبار ابليس اللعين على نبى الله آدم منعه من السجود فالذى يحقد ويستكبرعلى الانبياء والاولياء لان الله تعالى اعلى من شانهم، ويعتبر نفسه مثلهم فلا يتوسل بهم؛ فليفعل مايشاء فقد فعلها ابليس من قبل وكان جزاءه الطرد واللعن علما بانه يعلم ان الآمر هو المولى تبارك وتعالى حيث يقول ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِى مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ فهو يقول خلقتنى ويعترف بان آمره هو الخالق ولكن استكبر وقال أنا خير منه وهذه مصيبة أن يرد أمر خالقه ولا يعجبه أن الله تعالى أعلى من شأن سيدنا أدم عليه ونسى ان الله يفعل ما يريد ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ • ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ آل عمران 34, اللهم اجعلنا طائعين غير مستكبرين واحشرنا فى زمرة النبيين والمرسلين وعبادك الصالحين آمين.  

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

محمد مقبول