هكذا كان خامس الخلفاء يتلقى النصح من الصالحين
نصيحة
الإمام الحسن البصرى إلى الإمام عمر
بن عبد العزيز
فى وقت عظم فيه الناصح والمنصوح، جاء خامس الخلفاء المهديين الإمام عمر بن عبد العزيز، ليتقفى أثر جده الإمام عمر بن الخطاب، ويصلح ما أفسده سابقوه ليملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا وظلما.
عن أصرم الخراسانى قال كتب
عمر بن عبد العزيز الى الحسن: ’عظنى‘ قال فكتب اليه الحسن، وأخبرنا محمد
بن الحسين بسنده عن أبو صالح كاتب الليث قال أخذتها من الليث بن سعد
رسالة الحسن (البصرى) بن أبى الحسن الى عمر بن عبدالعزيز
أما بعد اعلم يا أمير
المؤمنين أن الدنيا دار ظعن وليست بدار اقامة وانما أهبط اليها ادم من
الجنة عقوبة وقد يحسب من لا يدرى ما ثواب الله أنها ثواب ومن لم يدر ما
عقاب الله أنها عقاب ولها فى كل حين صرعة وليست صرعة كصرعة هى تهين من
أكرمها وتذل من أعزها وتصرع من اثرها ولها فى كل حين قتلى فهى كالسم
يأكله من لا يعرفه وفيه حتفه فالزاد منها تركها والغنى منها فقرها فكن
فيها يا أمير المؤمنين كالمداوى جرحه يصبر على شدة الدواء مخافة طول
البلاء يحتمى قليلا مخافة ما يكره طويلا فان أهل الفضائل كان منطقهم
فيها بالصواب ومشيهم بالتواضع مطعمهم الطيب من الرزق مغمضى أبصارهم عن
المحارم فخوفهم فى البر كخوفهم فى البحر ودعاؤهم فى السراء كدعائهم فى
الضراء لولا الاجال التى كتبت لهم ما تقاوت أرواحهم فى أجسادهم خوفا من
العقاب وشوقا إلى الثواب عظم الخالق فى نفوسهم فصغر المخلوق فى أعينهم
واعلم يا أمير المؤمنين أن التفكير يدعو الى الخير والعمل به وأن الندم
على الشر يدعو الى تركه وليس ما يغنى وان كان كثيرا يأهل أن يؤثر على
ما يبقى وان كان طلبه عزيزا واحتمال المؤنة المنقطعة التى تعقب الراحة
الطويلة خير من تعجيل راحة منقطعة تعقب مؤنة باقية وندامة طويلة فاحذر
الدنيا الصارعة الخاذلة القاتلة التى قد تزينت بخدعها قتلت بغرورها
وخدعت بآمالها فأصبحت الدنيا كالعروس المجلية فالعيون اليها ناظرة
والقلوب عليها والهة والنفوس لها عاشقة وهى لازواجها كلهم قاتلة فلا
قال محمد بن الحسين وكان فى اخر هذه الرسالة: ولا تأمن من أن يكون هذا الكلام عليك حجة نفعنا الله واياك بالموعظة والسلام عليك ورحمة الله مصدر الأحاديث كتاب أخبار أبى حفص عمر بن عبد العزيز لأبى بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجرى (360 ه) سالم غانم |
|||
![]() |
|||
![]() ![]() |
|||
هو سيدى الحسن الخالص بن على الهادى بن محمد الجواد بن على الرضا بن
موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن
الحسين بن على بن أبى طالب
أمه أم ولد يقال لها حديث وقيل سوسن، وشهرته حسن العسكرى، وكنيته أبو
محمد، وألقابه: الخالص والسراج والعسكرى،
وصفته: بين السمرة والبياض،
وشاعره:
ابن الرومى، وبوابه: عثمان بن سعيد، ونقش خاتمه: سبحان من له مقاليد
السموات والأرض، ومعاصريه: المعتز والمهتدى والمعتمد،
وولد
مناقبه
كراماته:
(الأولى) هى جامعة الكرامات حدث أبو هاشم داود بن قاسم الجعفرى قال كنت
فى الحبس الذى فيه الجوسق أنا والحسن بن محمد ومحمد بن إبراهيم العمرى
وفلان وفلان خمسة أو ستة إذا دخل علينا أبو محمد الحسن بن على العسكرى
وأخوه جعفر فخففنا بأبى محمد وكان المتولى للحبس صالح بن يوسف الحجاب
وكان معنا فى الحبس رجل أعجمى فلتفت الينا أبو محمد وقال لنا سرا لولا
أن هذا الرجل فيكم لأخبرتكم متى يفرج الله عنكم وهذا الرجل قد كتب فيكم
قصة إلى الخليفة يخبره فيها بما تقولون فيه وهى معه فى ثيابة يريد
الحيلة فى إيصالها إلى الخليفة من حيث لا تعلمون فاحذروا شره قال أبو
هاشم فما تمالكنا إن تحاملنا جميعا على الرجل ففتشناه فوجدنا القصة
مدسوسة معه فى ثيابه وهو يذكرنا بكل سوء فأخذناها منه وحذرناه وكان
الحسن يصوم فى السجن فإذا أفطر أكلنا معه من طعامه قال أبو هاشم فكنت
أصوم معه فلما كان ذات يوم ضعفت عن الصوم فأمرت غلامى فجاء لى بكعك
فذهبت إلى مكان خال فى الحبس فأكلت وشريت ثم عدت إلى مجلسى مع الجماعة
ولم يشعر بى أحد فلما رآنى تبسم وقال: أفطرت. فخجلت فقال: لا عليك يا
أبا هاشم إذا رأيت أنك قد ضعفت وأردت القوة فكل اللحم فإن الكعك لا قوة
فيه. وقال: عزمت عليك أن تفطر ثلاثا فان البنية إذا أنهكها الصوم لا
تتقوى إلا بعد ثلاث. قال أبو هاشم: ثم لم تطل مدة أبى محمد الحسن بن
على فى الحبس بسبب أن قحط الناس بـ’سر من رأى‘-اسم بلد- قحطا شديدا
فأمر الخليفة المعتمد على الله بن المتوكل بخروج الناس إلى الاستسقاء،
فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون فلم يسقوا، فخرج الجاثليق فى اليوم الرابع
إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب كلما مد يده إلى
السماء هطلت بالمطر، ثم خرجوا فى اليوم الثانى وفعلوا كفعلهم أول يوم
فهطلت السماء بالمطر، فعجب الناس من ذلك وداخل بعضهم الشك وصبأ بعضهم
إلى دين النصرانية، فشق ذلك على الخليفة فأنفذ إلى صالح بن يوسف أن
أخرج أبا محمد الحسن من الحبس وائتنى به. فلما حضر أبو محمد الحسن عند
الخليفة قال له أدرك أمة محمد
(الثانية) عن على بن إبراهيم بن هشام عن أبيه عن عيسى بن الفتح قال لما دخل علينا أبو محمد الحسن الحبس قال يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومين قال وكان معى كتاب فيه تاريخ ولادتى فنظرت فيه فكان كما قال ثم قال هل رزقت ولدا قلت لا فقال اللهم ارزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد ثم أنشد:
فقلت يا سيدى وأنت لك ولد فقال إنى والله سيكون لى ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا وأما الآن فلا.
(الثالثة) عن إسماعيل بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس
(الرابعة) عن محمد بن حمزة الدورى قال كتبت على يدى ابى هاشم داود بن القاسم وكان مؤاخبا لأبى الحسن أسأله أن يدعوا الله لى بالغنى وكنت قد أملقت وخفت الفضيحة فخرج الجواب على يده أبشر فقد أتاك الغنى من الله تعالى مات ابن عمك يحى حمزة وخلف مائة ألف درهم ولم يترك وارثا سواك وهى وارده عليك عن قريب فاشكر الله وعليك الاقتصاد وإياك والإسراف فورد على المال والخبر بموت ابن عمى كما قال عن أيام قلائل وزال عنى الفقر وأديت حق الله تعالى فيه وبررت إخوتى وتماسكت بعد ذلك وكنت قبل ذلك مبذرا. فائدة: عن أبى هاشم قال سمعت أبا محمد الحسن يقوا ’إن فى الجنة بابا يقال له المعروف لا يدخل منة إلا أهل المعروف‘ فحمدت الله فى نفسى وفرحت بما أتكلف من حوائج الناس فنظر إلى وقال: ’يا أبا هاشم دم على ما أنت علية فإن أهل المعروف فى الدنيا هم أهل المعروف فى الآخرة‘. وعنه أيضا قال سمعت أبا محمد يقول: ’بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها‘.
تتمة فى الكلام على وفاته وولده
ولما ذاع خبر وفاته ارتجت ’سر من رأى‘ وقامت صيحة واحدة وعطلت الأسواق وغلقت الدكاكين وركب بنو هاشم والقواد والكتاب والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى جنازته فكانت ’سر من رأى‘ شبيهة بالقيامة فلما فرغوا من تجهيزه بعث الخليفة إلى أبى عيسى بن المتوكل ليصلى عليه فصلى عليه ودفن فى البيت الذى دفن فيه أبوه من دارهما بـ’سر من رأى‘ وكانت وفاة أبى محمد الحسن بن على فى يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين وخلف من الولد ابنه محمدا. سعيد صالح |
|||
من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصحابة فى موقع الأحباب أسرة التحرير |
|||
![]() |
|||
|