فى مناقب الخلفاء الاربعه

ابى بكر وعمر وعثمان وعلى

سبحان الله اصطفى واجتبى، وانتقى وارتضى واختار، واصطفى سيدنا محمد نبيه المنتخب رسولا، واجتبى ابا بكر الصديق وخصه بالتصديق والهيبه والوقار، وانتقى عمر بن الخطاب فحلا ذكره وطاب للبادين والحضار, وارتضى عثمان بن عفان لجمع القرآن فجمعه بين اخماس واعشار، واختار على بن ابى طالب لتفريق الكتائب واظهار العجائب واشهار ذى الفقار, فهم الذين نزل فى حقهم على لسان رسوله المختار: ﴿محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار﴾، فابو بكر مؤنسه فى الغار, وعمر وزيره وامينه على الاسرار, وعثمان المقتول بيد العدوان شهيد الدار, وعلى ابن عمه ووارث علمه الفارس الكرار. فهؤلاء خلفائه ووزرائه الائمه الابرار. الذين وفوا للنبى بعهودهم, وقد جرت بسعودهم الاقدار وتابعوه وبايعوه على ما يحب ويختار صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 روى ابى ذر عن النبى انه قال: (من ادخل السرور على اصحابى فقد ادخل السرور على, ومن ادخل السرورعلى فقد سر الله, ومن سر الله كان حقا على الله ان يسره ويدخله الجنه).

روى انس بن مالك ان رسول الله قال: (لحوضى اربع اركان، فاول ركن منها فى يد ابى بكر والثانى فى يد عمر والثالث فى يد عثمان والرابع فى يد على، فمن احب ابا بكر وابغض عمر لم يسقه ابا بكر ومن احب عمر وابغض عثمان لم يسقه عمر، ومن احب عثمان وابغض على لم يسقه عثمان، فمن احب ابا بكر فقد اقام الدين, ومن احب عمر فقد كتب من المؤمنين, ومن احب عثمان فقد استنار بالنور المبين, ومن احب عليا فقد احسن والله يحب المحسنين ومن احسن الظن فيهم فهو مؤمن ومن اساء الظن فيهم فهو منافق). 

وعن ابى هريره قال: كنا جلوسا عند رسول الله اذ اقبل ابا بكر فقال : (مرحبا بالمواسى بماله, مرحبا بالمؤثر على نفسه). ثم اقبل عمر بن الخطاب فقال : (مرحبا بالمفرق بين الحق والباطل مرحبا بمن اكمل الله به الدين واعز به المسلمين). ثم اقبل عثمان فقال: (مرحبا بصهرى وزوج ابنتى التى جمع به نورى السعيد فى حياته والشهيد فى مماته ويل لقاتله من النار). ثم اقبل على بن ابى طالب , فقال : (مرحبا باخى وابن عمى والذى خلقت انا وهو من نور واحد).

معاشر المسلمين هؤلاء لا يتفق حبهم الا فى قلب مؤمن ولا يتفرق الا فى قلب منافق، فمن احبهم احبه الله ومن ابغضهم ابغضه الله.

روى عن ابى هريره ان ابا بكر الصديق وعلى بن ابى طالب قدما يوما الى حجره سيدى رسول الله ؛

فقال على لابى بكر: تقدم فكن اول قارع يقرع الباب والح عليه. فقال ابو بكر: تقدم انت ياعلى.

فقال على : ما كنت بالذى يتقدم على رجل سمعت رسول الله يقول فى حقه: (ما طلعت شمس ولا غربت من بعدى على رجل افضل من ابى بكر الصديق).

فقال ابو بكر الصديق : لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (اعطيت خير النساء لخير الرجال). 

فقال على : انا لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (من اراد ان ينظر الى صدر ابراهيم الخليل فلينظر الى صدر ابو بكر الصديق).

فقال ابو بكر الصديق : انا لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (من اراد ان ينظر الى ادم عليه السلام, ويوسف وحسنه, وموسى وصلاته، وعيسى وزهده والى محمد فلينظر الى على).

فقال على : انا لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (اذا اجتمع العالم يوم القيامه يوم الحسره والندامه ينادى منادى من قبل الحق عز وجل: يا ابا بكر ادخل انت وحبيبك الجنة).

فقال ابو بكر : انا لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله يوم حنين وخيبر وقد اهدى اليه تمر ولبن: (هذه هى هديه من الطالب الغالب الى على بن ابى طالب).

فقال على بن ابى طالب : لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (انت يا ابو بكر عينى).

فقال ابو بكر : لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (يجئ على على مركب من مراكب الجنه فينادى منادى, يا محمد كان لك فى الدنيا والد حسن واخ حسن، اما الوالد الحسن فابوك ابراهيم الخليل، واما الاخ فعلى بن ابى طالب). 

فقال على : انا لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (اذا كان يوم القيامه, يجئ رضوان خازن الجنان بمفاتيح الجنه ومفاتيح النار, ويقول يا ابا بكر, الرب جل جلاله يقرئك السلام ويقول لك هذه مفاتيح الجنه ومفاتيح النار ابعث ما شئتالى الجنه وابعث ما شئت الى النار). 

فقال ابو بكر : انا لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (ان جبريل اتانى فقال لى: إن الله عز وجل يقرئك السلام, ويقول لك انا احبك واحب عليا فسجدت شاكرا, واحب فاطمه فسجدت شاكرا, واحب حسن وحسينا فسجدت شاكرا). 

فقال على : لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (لو وزن ايمان ابى بكر بايمان اهل الارض لرجح عليهم).

فقال ابو بكر : لا اتقدم على رجل يقول رسول الله فى حقه: (ان عليا يجئ يوم القيامه ومعه اولاده وزوجته على مراكب من البدن, فيقول اهل القيامه أى نبى هذا, فينادى مناد: هذا حبيب الله هذا على بن ابى طالب).

فقال على : لا اتقدم على رجل قال فى حقه رسول الله : (ان اهل السماوات من الكروبيين والروحانيين والملا الاعلى لينظرون فى كل يوم الى ابابكر).

فقال ابو بكر الصديق لا اتقدم على رجل قال الله فى حقه وحق آل بيته: ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيماواسيرا﴾.

فقال على : لا اتقدم على رجل قال الله تعالى فى حقه: ﴿والذى جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون﴾.

فنزل جبريل عليه السلام الى الصادق الامين من عند رب العالمين، وقال: ’يامحمدا العلى الاعلى يقرئك السلام ويقول لك: ان ملائكه السبع سماوات لينظرون فى هذه الساعه الى ابى بكر الصديق وعلى ابن ابى طالب، ويستمعون الى ما جرى بينهما من حسن الادب وحسن الجواب من بعضهما لبعض، فقم اليهما وكن ثالثهما فان الله تعالى قد حفهما بالرحمه والرضوان, وخصهما بحسن الادب والاسلام والإيمان). فخرج النبى اليهما فوجدهما كما ذكر له جبريل، فقبل النبى وجه كل واحد منهما وقال: (وحق من نفس محمد بيده؛ لو ان البحار اصبحت مدادا والاشجار اقلاما واهل السماوات والارض كتابا، لعجزوا عن فضلكما وعن وصف اجركما). 

ع. صلاح

 

حكمة الإمام على

لما جئ للإمام عمر فى زمن خلافته بسوارى كسرى وتاجه ومنطقته أى وبساطه وكان ستين ذراعا فى ستين ذراعا منظوما باللؤلؤ والجواهر الملونة على ألوان زهر الربيع كان يبسط له فى إيوانه ويشرب عليه إذا عدمت الزهور وجئ له بمال كثير من مال كسرى وبنات كسرى وكن ثلاثا وعليهن الحلى والحلل والجواهر ما يقصر اللسان عن وصفه وعند ذلك دعا سراقة وقال ارفع يديك وألبسه السوارين وقال له قل الحمد لله الذى سلبهما كسرى بن هرمز الذى كان يقول أنا رب الناس وألبسهما سراقة بن مالك أى ورفع عمر بها صوته وصب المال الذى جئ به من أموال كسرى فى صحن المسجد وفرقه على المسلمين ثم قطع البساط وفرقه بين المسلمين فأصاب عليا منه قطعة باعها بخمسين ألف دينار.

ثم جئ ببنات الملك الثلاث فوقفن بين يديه وأمر المنادى أن ينادى عليهن وأن يزيل نقابهن عن وجوههن ليزيد المسلمون فى ثمنهن فامتنعن من كشف نقابهن ووكزن المنادى فى صدره فغضب عمر وأراد أن يعلوهن بالدرة وهن يبكين فقال له على : ’مهلا يا أمير المؤمنين فإنى سمعت رسول الله يقول ارحموا عزيز قوم ذل وغنى قوم افتقر‘ فسكن غضبه فقال له على: ’إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السوقة‘ فقال له عمر: ’كيف الطريق إلى العمل معهن؟‘ فقال: ’يقومن ومهما بلغ ثمنهن يقوم به من يختارهن‘. فقومن وأخذهن على ، فدفع واحدة لعبد الله بن عمر فجاء منها بولده سالم، وأخرى لمحمد بن أبى بكر فجاء منها بولده القاسم، والثالثة لولده الحسين فجاء منها بولده على الملقب بزين العابدين، وهؤلاء الثلاثة فاقوا أهل المدينة علما وورعا، وكان أهل المدينة قبل ذلك يرغبون عن التسرى فلما نشأ هؤلاء الثلاثة فيهم رغبوا فيه.

ومن غريب الاتفاق ما حكاه بعضهم، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب، واعجب سعيد بى يوما فقال لى: من أخوالك فقلت: أمى فتاة. فكأنى نقصت من عينه فأنا عنده إذ دخل عليه سالم بن عبد الله بن عمر، فلما خرج من عنده قلت له: ياعم من هذا قال: سبحان الله أتجهل مثل هذا من قومك؟ هذا سالم بن عبد الله بن عمر. قلت: فمن أمه؟ قال: فتاه. ثم دخل القاسم بن محمد فجلس عنده ثم نهض، فلما خرج قلت: يا عم من هذا؟ قال: ما أعجب أمرك أتجهل مثل هذا؟ هذا القاسم بن محمد بن أبى بكر. قلت: فمن أمه؟ قال: فتاه. ثم دخل عليه على بن حسين فجلس ثم نهض، فلما خرج قلت له: من هذا؟ قال: عجبت منك أتجهل مثل هذا؟ هذا على زين العابدين بن الحسين. قلت: فمن أمه؟ قال: فتاة. قلت: يا عمى رأيتنى نقصت من عينك لما علمت أن أمى فتاة فما لى فى هؤلاء أسوة؟ فقال: أجل. وعظمت فى عينه جدا.

سعيد صالح

من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصحابة فى موقع الأحباب

أسرة التحرير