هو
كان محدث بالكوفة يحدثنا فإذا فرغ من حديثه يقول: تفرقوا، ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحداً يتكلم بكلامه، فأحببته، ففقدته، فقلت لأصحابى: هل تعرفون رجلاً كان مجالسنا كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: نعم أنا أعرفه، ذاك أويس القرنى. قلت: أتعرف منزله؟ قال: نعم، فانطلقت معه حتى جئت حجرته، فخرج إلى. فقلت: يا أخى ما حبسك عنا؟ قال: العرى، وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه. قلت: خذ هذا البُرد فالبسه، قال: لا تفعل فإنهم إذاً يؤذوننى إذا رأوه على، فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم. فقالوا: من ترون خدع عن برده هذا، فجاء فوضعه وقال: أترى! فأتيت المجلس فقلت: ما تريدون من هذا الرجل قد آذيتم الرجل، الرجل يعرى مرة ويكتسى مرة، فأخذتهم بلسانى أخذاً شديداً.
ثم أن أهل الكوفة
وفدوا
إلى أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب
فقال سيدنا
عمر:
إن رسول الله
قال: فجعل ذلك الرجل الذى كان يسخر منه يقول: هذا فينا ولا نعرفه، قال عمر: بلى إنه رجل كذا، كأنه يضع شأنه، قال: فينا رجل يا أمير المؤمنين يقال له: أويس قال: أدركه ولا أراك تدركه، فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتى أهله، فقال له أويس: ما هذه بعادتك فما بدا لك؟ قال: سمعت أمير المؤمنين عمر يقول كذا وكذا فاستغفر لى أويس. قال: لا أفعل حتى تجعل لى عليك أن لا تسخر بى فيما بعد وأن لا تذكر الذى سمعته من عمر إلى أحد فاستغفر له. قال أسير: فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة، قال: فدخلت عليه فقلت: يا أخى ألا أراك العجب ونحن لا نشعر فقال: ما كان فى هذا ما أتبلغ به فى الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله قال: ثم انملس منهم فذهب. رواه حماد بن سلمة عن الجريرى نحوه ورواه زرارة بن أوفى عن أسير بن جابر وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى خيثمة عن أبى النضر مختصرا وعن اسحاق بن ابراهيم عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن زرارة عن أسير مطولا.
وعن أبى هريرة قال:
بينا رسول الله
قالوا: يا رسول الله كيف لنا برجل منهم؟ قال (ذاك أويس القرنى) قالوا: وما أويس القرنى؟ قال (أشهل ذا صهوبة، بعيد ما بين المنكبين معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره، رام بذقنه إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن، يبكى على نفسه، ذو طمرين، لا يؤبه له، متزر بإزار صوف ورداء صوف، مجهول فى أهل الأرض، معروف فى أهل السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه، ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنة ويقال لأويس قف فاشفع فيشفع الله عز وجل فى مثل عدد ربيعة ومضر، يا عمر ويا على إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه أن يستغفر لكما، يغفر الله تعالى لكما).
قال: فمكثا يطلبانه عشر
سنين
لا يقدران عليه، فلما كان فى آخر السنة التى توفى فيها عمر فى ذلك
العام، قام على أبى قبيس فنادى بأعلى صوته يا أهل الحجيج من أهل اليمن
أفيكم أويس من مراد؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية فقال: إنا لا ندرى ما
أويس، ولكن ابن أخ لى يقال له: أويس وهو أخمل ذكراً وأقل مالاً وأهون
أمراً من أن نرفعه إليك، وإنه ليرعى إبلنا حقير بين أظهرنا، فعمى عليه
عمر كأنه لا يريده، قال: أين ابن أخيك هذا؟ أبحرمنا هو؟ قال: نعم، قال:
وأين يصاب؟ قال: بأراك عرفات، قال: فركب عمر وعلى سراعاً إلى عرفات
فإذا هو قائم يصلى إلى شجرة والإبل حوله ترعى، فشدا حماريهما ثم أقبلا
إليه فقالا: السلام عليك ورحمة الله فخفف أويس الصلاة ثم قال: السلام
عليكما ورحمة الله وبركاته، قالا: من الرجل؟ قال: راعى إبل وأجير قوم،
قالا: لسنا نسألك عن الرعاية ولا الإجارة ما اسمك قال: عبد الله، قالا:
قد علمنا أن أهل السموات والأرض كلهم عبيد الله، فما اسمك الذى سمتك
أمك؟ قال: يا هذان ما تريدان إلى؟ قالا: وصف لنا محمد
فلما سمع عمر ذلك من كلامه ضرب بدرته الأرض ثم نادى بأعلى صوته: ألا ليت أم عمر لم تلده، يا ليتها كانت عاقراً لم تعالج حملها، ألا من يأخذها بما فيها ولها. ثم قال: يا أمير المؤمنين خذ أنت ههنا حتى آخذ أنا ههنا فولى عمر ناحية مكة وساق أويس إبله فوافى القوم إبلهم وخلى عن الرعاية وأقبل على العبادة حتى لحق بالله عز وجل. عن الشعبى قال: مر رجل من مراد على أويس القرنى فقال: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحمد الله قال: كيف الزمان عليك؟ قال: كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أن لا يمسى وإن أمسى ظن أن لا يصبح، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار، يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يدع لمؤمن فرحاً، وإن علمه بحقوق الله لم يترك له فى ماله فضة ولا ذهباً، وإن قيامه بالحق لم يترك له صديقاً. وعن عبد الله بن سلمة قال: غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ومعنا أويس القرنى فلما رجعنا مرض علينا يعنى أويس، فحملناه فلم يستمسك فمات، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب وكفن وحنوط، فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه، فقال بعضنا لبعض لو رجعنا فعلمنا قبره، فرجعنا فإذا لا قبور ولا أثر.
عن محارب بن دثار قال: قال رسول الله
وعن مغيرة قال: وكان
أويس
القرنى ليتصدق بثيابه حتى يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه إلى
وعن هرم بن حيان
العبدى
قال: قدمت الكوفة فلم يكن لى هم إلا أويس أسأل عنه، فدفعت إليه بشاطىء
الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت، فإذا رجل آدم محلوق الرأس كث
اللحية مهيب المنظر فسلمت عليه ومددت إليه يدى لأصافحه فأبى أن
يصافحنى، فخنقتنى العبرة لما رأيت من حاله، فقلت: السلام عليك يا أويس
كيف أنت يا أخى؟ قال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان من دلك علىّ؟
قلت: الله عز وجل. قال ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا
لَمَفْعُولا﴾
الإسراء 85،
قلت: يرحمك الله من أين عرفت اسمى واسم أبى؟ فوالله ما رأيتك قط ولا
رأيتنى، قال عرفت روحى روحك حيث كلمت نفسى لأن الأرواح لها أنفس كأنفس
الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله عز وجل وإن ناءت بهم الدار
وتفرقت بهم المنازل، قلت: حدثنى عن رسول الله
وعن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال:
نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرنى؟ قلنا: نعم، وما
تريد منه؟ قال: إنى سمعت رسول الله
وعن أبى سنان قال:
سمعت
حميد بن صالح يقول: سمعت أويس القرنى يقول: قال النبى
وعن أصبغ بن زيد قال: إنما منع
أويساً
أن يقدم على رسول الله
المحبة فى الله
|
||
من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصوفية فى موقع الطريقة البرهانية. أسرة التحرير |
||
|