هذه خطب ليوم الجمعة مقسمة على أسابيع الأشهر العربية مساهمة فى تتبع أحداث هذه الشهور ودعما للإخوة المكلفين بخطبة الجمعة فى البلاد النائية، وهى تصلح لأن تكون خطبا أسبوعية قائمة بذاتها، كما تصلح أن تكون نواة لتحضير خطبا أكبر، كما يمكن أن تضيف عليها من واقع أحداث البلد الذى أنت فيه.

خطب شهر أكتوبر

نسخة كاملة للخطب

(الخطبة الأولى) سماحة الإسلام

... أما بعد

إن الإسلام برىء من العنف والتطرف، وأنه دين التيسير والتلطيف، وأنه ديـن جاء ليبقى، قـال تعالى ﴿هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ الفتح 48: 28، فإنه دينٌ عالمى، فالمعبود بحق رب العالمين، ورسوله رحمة للعالمين، قال تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ الأنبياء 21: 107. وقـرآنه رحمة للعالمين، قال تعالى ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ يوسف 13: 104. وكعبته هدى للعالمين، قال تعالى ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ﴾ آل عمران 3: 96.

جعلت الشريعة الاسلامية غير المسلمين شركاء مع المسلمين فى الوطن منذ كانت للاسلام دولة: دولته الأولى فى المدينة المنورة ودولته التى توالت أيامها بعد انتقال النبى الى الرفيق الاعلى وحتى يوم الناس هذا ومن سنة الله تعالى فى الاجتماع البشرى أن يتجاور فيه جماعات من الناس مختلفين فى الألسنة والالوان، وهم جميعا اخوة لأب واحد وأم واحدة، وان تباعد بمعانى هذه الأخوة الانسانية طول الأمد بين الأصول والفروع ...

 

(الخطبة الثانية) حق الطريق

... أما بعد

أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى [يا موسى إن أردت أن أكون إليك أقرب من لسانك إلى كلامك، ومن نور بصرك إلى عينيك، ومن سمعك إلى أذنك، فأكثر من الصلاة على حبيبى محمد ].

قال تعالى ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ النور 24: 30.

نعيش سويا بحول الله ومدده مع حق من الحقوق الإسلامية المباركة الكريمة، انه "حق الطريق".

روى البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدرى أن النبى قال (اياكم والجلوس فى الطرقات) قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها. قال (فاذا أبيتم الا المجلس فأعطوا الطريق حقه) قالوا: يا رسول الله، فما حق الطريق؟ قال (غض البصر، وكف الاذى، ورد السلام، والامر بالمعروف، والنهى عن المنكر).

إن المجتمع الاسلامى الذى وضع القران الكريم قواعده المتينة الراسخة، وأرسى لبناته على يد المصطفى ، مجتمع فريد فى كل شيئ، مجتمع سليم العقيدة، مجتمع صحيح العبادة، مجتمع نقى السريرة، مجتمع طاهر اللسان، مجتمع نظيف المشاعر والاخلاق، مجتمع تصان فيه الحرمات، مجتمع له أدب مع الله، مجتمع له أدب مع نفسه ...

 

(الخطبة الثالثة) حق اليتيم

... أما بعد

قال لرجل من أصحابه (ما قلت البارحة من قول الخير؟) قال الرجل: يا رسول الله صلى الله عليك قلت "اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من الصلوات شىئ وبارك على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من البركات شىء وارحم محمداً وآل محمد حتى لا يبقى من الرحمات شىئ" فقال (لذلك رأيت البارحة الملائكة يحفون بأزقة المدينة).

قال تعالى ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ البقرة 2: 220.

نعيش سويا بحول الله ومدده مع "حق اليتيم"، فمن هو اليتيم؟

قال ابن منظور فى لسان العرب: اليتيم فى الناس: من فقد أباه، فأصل اليتم فى اللغة: الغفلة، وبه سمى اليتيم يتيما؛ لانه يتغافل عن بره بعد موت أبيه، وأصل اليتيم فى اللغة أيضا: الانفراد فى كل شئ مفرد لا نظير له، ولا مثيل له يقال له: يتيم.

وكذلك هناك "اليتيم الذى كان يتمه تشريفا لكل يتيم"، فلقد شاء الله جل وعلا - ولا راد لمشيئته – أن ينشأ المصطفى يتيما، مات أبوه وأمه تحمله جنينا فى أحشائها، وقيل: بل مات أبوه عبد الله قبل مولد المصطفى بشهرين، فكفله جده عبد المطلب ...

 

(الخطبة الرابعة) الحياء

... أما بعد

يقول المصطفى (من صلى علىَّ يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم ذلك النور بين الخلائق كلهم لوسعهم).

فيا أحباب رسول الله نتحدث اليوم عن شعبه من شعب الإيمان ألا وهى (الحياء من الإيمان والإيمان فى الجنة).

أما عن الآيات التى تشير الى الحياء: فقد قال تعالى ﴿وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الحَقِّ﴾ الأحزاب 33: 53. وقال تعالى ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاءٍ القصص 28: 25. وقال تعالى ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾ الفرقان 25: 63.

أما عن سنة رسول الله ؛ فقد أخرج الشيخان عن أبى هريرة : أن رسول الله قال (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا اله الا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياءُ شعبة من الإيمان) متفق عليه. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله )الحياء من الإيمان) متفق عليه. وعن عمران بن حصين قال (والحياء لا يأتى إلا بخير) متفق عليه. وقال (الحياء خير كله) أو قال (الحياء كله خير) مسلم.

والحياء فى اللغة: تغير وانكسار يلحق الإنسان من خوف ما يعاب به. والحياء فى الشرع كما قال العلماء: حقيقة الحياء خُلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير فى حق ذى الحق ...

 

رمضان مختار