نشرنا فى صفحات القواطع عن موضوع القواطع عن المهيمن من كتاب المرشد الوجيز، وها نحن فى هذا الباب نستكمل الموضوع بجوانب أخرى تكمله حتى تعم الفائدة:

 

 

وحدوووه

 

مرت ثلاثة أيام وأنا أفكر فى الكلام الذى سمعته أكتر من مرة ... كلمة التوحيد متصلة لا منفصلة، لا إله إلا الله نفى وإثبات و... وسمعت جرس الباب، فأسرعت ابنتى لتنظر من بالباب؟ ودخلت ابنتى على قائلة: بابا ... بابا فيه واحدة برة بيسأل عليك، فخرجت من الحجرة لأعرف من بالباب؟ فلما رأيته صحت قائلاً: هى الشمس بتطلع بالليل؟ اتفضل اتفضل، ونظرت إلى ابنتى وقلت لها: عارفة مين ده؟ فهزت رأسها بالنفى، فقلت ده عمك اللى كان بيكلمك فى التليفون ... اللى قعد يجاوب على سؤالك، ففرحت وأسرعت للسلام عليه فى حرارة قائلة: الحمد لله إنك جيت عندنا، علشان أنا كنت عاوزه أسألك سؤال عن ... فقاطعتها قائلاً: إيه؟ هو لسّه قعد ... بدل ماتعملى شاى أو تجيبى حاجة ساقعة لعمك يشربها ... سيبيه يرتاح الأول، فضحك صديقى وقال: ماهى بنت الوز ... هو انت كنت بتخلينى أرتاح؟ فقلت وأنا فى حرج: بس يعنى ... يعنى ... ووجهت كلامى إلى ابنتى بسرعة: إنتى لسّه واقفة روحى هاتى حاجة ساقعة، فردت وهى تقفز خارجة: هوا ...، وجلست ارحب به، وأنا فى شدة الفرح لزيارته هذه ... بينى وبينكم، فرحى الأكتر كان علشان أسأله وأعرف بقيت الكلام وعدلت نفسى للسؤال، وبدأت افرش بالكلام قائلاً: ياسلام ... والله ياشيخ ... النهاردة عرفت ان ربنا بيحبنى قد إيه، سبحان الله ... كنت لسه بافكر أشوفك إزاى وامتى علشان ... ولم أكمل كلامى، ودخلت ابنتى مسرعة وهى تحمل صينية عليها حاجة ساقعة وأطباق من الحلويات، ونظرت إلى قائلة: معلش يابابا ... ممكن تقوم من مكانك علشان أعرف أحط الصينية، فانتقلت بمنتهى السذاجة إلى الكرسى المقابل لصديقى، فوضعت ماكان معها، وجلست مكانى وقالت: اتفضل ياعمى، فتناول منها ماقدمته له، وأخذ يأكل ويشرب، ولم تعطه فرصة لكى يبلع ماتناوله، قالت بسرعة: يعنى إيه التوحيد؟ فأُصيب صديقى بشرقة شديدة، وظل يكح ... أكثر من مرة، فقلت لها: حرام عليكى، الراجل حيروح منك فى سؤال ... والتفت إليه قائلاً: طفلة ... مش كده؟ طيب ... اشرب بقى، وبعد أن هدأت الكحة، نظر إلىّ ثم إلى ابنتى، وقال: أنا إيه اللى جابنى هنا؟ ماكنت قاعد مرتاح، وانت اللى بتيجى و... فقاطعته ابنتى: إزيك دلوقت ياعمو ... الحمد لله أحسن مش كده؟ أجيب لك شاى أو حاجة سخنة، فقال: لأ شكراً، الشرقة راحت خلاص، فقالت: طيب ... إيه هو التوحيد بقى؟ على فكرة أنا سألت بابا، وقال: يعنى الاتنين يبقوا واحد ... صحيح الكلام ده؟ بس ازاى؟ إحنا خدنا فى المدرسة (واحد + واحد يبقوا اتنين)، مش اتنين يساوى واحد ... أفهم بقى؟ فنظر إلىّ نظرة لوم، وكأنه يقول شاطر بس تلخبط الدنيا وتهرب ... والتفت إليها قائلاً: شوفى ياستى ... التوحيد بمعنى بسيط ... نرجع كل حاجة إلى أصلها ... فترجع واحدة واحدة ... فردت قائلة: إزاى؟ فقاطعها قائلاً: اصبرى شوية، ماتبقيش زى ابوك، فقلت: الله ... الله، وماله أبوها بقى؟ فاستمر فى حديثه معها قائلاً: شوفى الملعقة الصغيرة دى، والطبق ده، لو جبنا صمغ شديد ولزقناهم سوا يبقى عندنا حاجة واحدة ... مش كده؟ لإنك شايفة طبق لازق فيه ملعقة، يعنى شايفة حاجتين اتنين ... فاهمة؟ فقالت: لأ ... فسكت فترة ... ثم قال: هاتى ورقة فاضية ... فخرجت بسرعة لتحضر الورقة، وسالت نفسى: هو عاوز الورقة ليه؟ ودخلت بسرعة وأعطته الورقة، فقال لها: دى ورقة بيضاء حنقسمها نصين وحنعمل من كل نص شكل، وأمسك نصف الورقة وظل فترة يشكل فيها حتى انتهى منها، ثم سألها ماهى؟ فقالت: الله ... دى طيارة، وأمسك النص التانى وصنع منه شكل مروحة، وقال لها: دول إيه؟ فقالت: مروحة وطيارة، فقال: يعنى كام حاجة؟ فقالت: اتنين فقال: الاتنين دول اتعملوا من إيه؟ فقالت من الورقة، فقال: يعنى اصلهم إيه؟ فقالت: آآآه ... أصلهم الورقة فقال: أيوه ... يعنى الاتنين فى الأصل واحد ... مش كده وبس ده ممكن التلاتة والعشرة واى عدد كله فى الأصل واحد ... قبل ماتقولى إزاى؟ الورقة نفسها لو قطعناها إلى أى عدد ثم صنعنا منهم أشكال مختلفة زى شجرة، زى حيوان، زى إنسان مش كل الأشكال دى أصلها الورقة؟ فقالت: صح فقال: خلى بالك كل ماكان الأصل أكبر كل ماكانت الأشياء الظاهرة منه كتير ... إنت عارفة قصة سيدنا آدم، فقالت: آه فى المدرسة قالوا لنا إنه أبو البشر، فرد قائلاً: مظبوط ... يعنى البشر كله جاء منه، ربنا سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم فى سورة النساء فى أول السورة بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ...، يعنى إيه الكلام ده؟ يعنى ربنا سبحانه وتعالى لما خلق سيدنا آدم خلق بعد كده ستنا حواء من ضلع من ضلوع سيدنا آدم، يعنى ستنا حواء ضلع سيدنا آدم، يبقى هما الاتنين إيه؟ فقالت: واحد فقال: أهو الواحد ده جه منه كل البشر، يبقى لما نرجع كل أعداد البشر لأصلها، يعنى إنتى ترجعى لبطن أمك، وامك ترجع لبطن أمها وكل واحد منا يرجع ... حنرجع فى الآخر لمين؟ فقالت: لسيدنا آدم ... أيوه كده فهمت، فقال: الحمد لله فقالت: إنما لسّه فيه حاجة تانية مش فهماها، بس مش عارفة أمسكها دلوقتى علشان أسألك عنها ... فرد بسرعة: كويس قوى إنك مش عارفة تمسكيها، خليها لبعدين، فقلت لها: كفاية بقى ... خلينى أقعد مع عمك شوية واعملى لنا شوية شاى حلوين كده، فقالت: حاضر ... سلام ياعمو مش عاوز حاجة؟ فرد بسرعة: شكراً ... المهم إنتى ماتكونيش عاوزه حاجة، وانتظرت خروجها، والتفت إليه قائلاً: عاوز أعرف المقصود بالآية 30 فى سورة الأنبياء تقول ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَىٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ، والرابط بينها وبين التوحيد ... و... فقاطعنى قائلاً: ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء ... عاوز أروح بقى ... تعبت خلاص.

 

 أحمد نور الدين عباس