الصحابى الجليل:

سعد بن أبى وقاص

  

نسبه وكنيته:

واسمه سعد بن أبى وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ويكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى. وعن سعد قال: قلت يارسول الله من أنا؟ قال (أنت سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة من قال غير ذلك فعليه لعنة الله).

عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد ورسول الله جالس فقال (هذا خالى فليربأ إمرأ خاله). ويربأ: يحفظ. وذلك لأن أم النبى زهرية، وهى: آمنة بنت وهب بن عبد مناف، ابنة عم أبى وقاص.

وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان مجاب الدعوة، مادعا بشئ إلا استُجيبَ له.

أولاده :

وكان لسعد بن أبى وقاص من الولد إسحاق الأكبر وبه كان يكنى، ودرج، وأم الحكم الكبرى وأمهما ابنة شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة، وعمر قتله المختار، ومحمد بن سعد قُتل يوم دير الجماجم قتله الحجاج، وحفصة وأم القاسم وأم كلثوم وأمهم ماوية وينتهى نسبها إلى امرئ القيس، وعامر وإسحاق الأصغر وإسماعيل وأم عمران وأمهم أم عامر بنت عمرو بن كعب، وإبراهيم وموسى وأم الحكم الصغرى وأم عمرو وهند وأم الزبير وأم موسى وأمهم زبد، وعبد الله بن سعد وأمه سلمى، ومصعب بن سعد وأمه خولة بنت عمرو بن أوس، وعبد الله الأصغر وبجير واسمه عبد الرحمن وحميدة وأمهم أم هلال بنت ربيع، مات قبل أبيه، وحمنة وأمها أم حكيم بنت قارض، وعمير الأصغر وعمر وعمران وأم عمرو وأم أيوب وأم إسحاق وأمهم سلمى بنت خصفة، وعثمان ورملة وأمهما أم حجير، وعمرة وهى العمياء تزوجها سهيل بن عبد الرحمن بن عوف وأمها امرأة من سبى العرب، عائشة بنت سعد.

قصة إسلام سعد بن أبى وقاص :

عن عامر بن سعد عن أبيه قال: ما أسلم رجل قبلى إلا رجل أسلم فى اليوم الذى أسلمت فيه، ولقد أتى على يوم وإنى لثلث الإسلام.

قال أبو نعيم رحمه الله وأما سعد بن أبى وقاص فقديم السبق بدء أمره مقاساة الشدة واحتمال الضيقة وهو مع الرسول بمكة، هان عليه تحمل الأثقال ومفارقة العشيرة والمال لِما باشر قلبه من حلاوة الإقبال، ونصر على الأعداء بالمقاتلة والنضال، وخص بالإجابة فى المسألة والابتهال، ثم ابتلى فى حالة الإمارة والسياسة وامتحن بالحجابة والحراسة، ففتح الله على يديه السواد والبلدان، ثم رغب عن العمالة والولاية وآثر العزلة والرعاية، وتلافى مابقى من عمره بالعناية، فهو قدوة من ابتلى فى حاله بالتلوين، وحجة من تحصن بالوحدة والعزلة من التفتين إلى أن تتضح له الشبهة بالحجج والبراهين.

وعن عائشة بنت سعد قالت: سمعت أبى يقول: وأسلمت وأنا ابن سبع عشرة سنة. قال سعد بن أبى وقاص: والله إنى لأول رجل من العرب رمى بسهم فى سبيل الله، ولقد كنا نغزو مع رسول الله وما لنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر – أوراق الشجر - حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاه – يضع: يعدو - ماله خلط، ثم أصبحت بنو أسد يعزروننى عن الدين - تُوَبِّخُنى على التقصير فيه - لقد خبت إذا وضل عَمَلِيَه، قال بن نمير: وضل عملى.

من مناقبه وشخصيته :

عن عائشة بنت سعد قالت: كان أبى رجلا قصيراً، دحداحاً، غليظاً، ذا هامة، شثن الأصابع، أشعر، وكان يخضب بالسواد.

وعن سعد بن أبى وقاص قال: أنا أول من رمى فى الإسلام بسهم، خرجنا مع عبيدة بن الحارث ستين راكباً سرية.

قال سعد: قال لى النبى (اللهم سدد رميته وأجب دعوته). قال عبد الله: لقد رأيت سعدا يقاتل يوم بدر قتال الفارس فى الرجال.

قال سعد: كنا قوماً يصيبنا ظلف العيش بمكة مع رسول الله وشدته فلما أصابنا البلاء اعترفنا لذلك ومرنا عليه وصبرنا له ولقد كنت مع رسول الله بمكة فخرجت من الليل أبول وإذا أنا أسمع بقعقعة شىء تحت بولى فإذا قطعة جلد بعير فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها فوضعتها بين حجرين ثم استفها وشربت عليها من الماء فقويت عليها ثلاثاً.

قال أبو بكر بن خلاد: خطب عتبة بن غزوان فكان أول أمير خطب على منبر البصرة فقال: ولقد رأيتنى سابع سبعة مع رسول الله ، ومالنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا، غير أنى التقطت بردة فشققتها بينى وبين سعد بن مالك – سعد بن أبى وقاص - قال: فما بقى من الرهط السبعة إلا أمير على مصر من الأمصار.

قالوا: وشهد سعد بدراً وأحداً وثبت يوم أحد مع رسول الله حين ولى الناس، وشهد الخندق والحديبية وخيبر وفتح مكة، وكانت معه يومئذ إحدى رايات المهاجرين الثلاث، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله .

وقيل: أن سعدا كان يسبح بالحصى.

أخرج الطبرانى عن بن عمر قال: صلى النبى يوم الجمعة العصر بالناس، فلما جلس فى الركعتين الأوليين مر كلب ليقطع عليه صلاته، فأشفق أن يمر عليه فدعا سعد بن أبى وقاص على الكلب فأهلكه الله بقدرته، فلما فرغ رسول الله من صلاته نظر إلى الكلب فقال (من الداعى منكم على هذا الكلب؟) فلم يتكلم أحد، فأعاد الكلام، فقال سعد: أنا الداعى عليه يارسول الله، بأبى أنت وأمى، أشفقت أن يقطع عليك صلاتك، فدعوت عليه، قال (بماذا دعوت عليه ياسعد؟) قال: قلت: سُبحانك لا إله إلا أنت ياذا الجلال والإكرام، أَهلك هذا الكلب قبل أن يقطع على نبيك صلاته. فقال النبى (لقد دعوت بشىءٍ لو دعوت بهذه الكلمات على أهلِ المشرقِ والمغربِ لاستُجيب لك). وفى رواية عن الطبرانى فى المعجم (ياسعد لقد دعوت فى يومٍ وساعةٍ بكلمات لو دعوت على من بين السموات والأرض لاستُجيب لك، فأبشر ياسعد)

عن عائشةَ قالت: أرق رسول الله ذات ليلة فقال (ليت رجلا صالحا من أصحابى يحرسنى الليلة). قالت: فسمعنا صوت السلاح. فقال رسول الله (من هذا؟) قال سعد بن أبى وقاص: أنا يا رسول الله! جئت أحرسكَ. فنام رسول الله حتى سمعت غطيطه.

أثر الرسول فى تربيته :

قال ثنا مصعب بن سعد بن أبى وقاص عن أبيه: عن النبى قال (لأنا فى فتنة السراء لأخوف عليكم منى فى فتنة الضراء إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم وإن الدنيا حلوة خضرة).

عن عمر بن سعد عن أبيه أنه قال: يا بنى أفى الفتنة تأمرنى أن أكون رأساً لا والله حتى أعطى سيف إن ضربت به مؤمناً نبا عنه وإن ضربت به كافراً قتله. قال: سمعت رسول الله يقول (إن الله يحب الغنى الخفى التقى). قيل لسعد بن أبى وقاص: ألا تقاتل فإنك من أهل الشورى وأنت أحق بهدا الأمر من غيرك فقال لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له عينان ولسان وشفتان يعرف المؤمن من الكافر فقد جاهدت وأنا أعرف الجهاد.

كان بين خالد وسعد كلام فذهب رجل يقع فى خالد عند سعد فقال: مه إن مابيننا لم يبلغ ديننا.

عن قيس بن أبى حازم قال: نبئت أن رسول الله، ، قال لسعد بن مالك (اللهم استجب له إذا دعاك).

وقيل: أن منزل سعد بن أبى وقاص بالمدينة خطة من رسول الله .

وعن السائب بن يزيد أنه صحب سعد بن أبى وقاص من المدينة إلى مكة قال: فما سمعته يحدث عن النبى ، حديثاً حتى رجع – يعنى احتراما للرسول وخوفا من الخطأ فى حديثه. وسُئل سعد بن أبى وقاص عن شىء فاستعجم فقال: إنى أخاف أن أحدثكم واحداً فتزيدوا عليه المائة.

قيل: آخى رسول الله، ، بين سعد بن أبى وقاص ومصعب بن عمير. وقيل: آخى رسول الله ، بين سعد بن أبى وقاص وسعد بن معاذ. وعن عامر بن سعد عن أبيه: أنه كان مع حمزة بن عبد المطلب فى سريته التى بعثه رسول الله عليها.

وعن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر قاسم سعد بن أبى وقاص ماله حين عزله عن العراق. وعن عائشة بنت سعد قالت: أرسل سعد بن أبى وقاص إلى مروان بن الحكم بزكاة عين ماله خمسة آلاف درهم، وترك سعد يوم مات مائتى ألف وخمسين ألف درهم.

ذكر جمع النبى لسعد أبويه بالفداء:

عن على بن أبى طالب قال: ماسمعت رسول الله، ، يفدى أحدا بأبويه إلا سعداً فإنى سمعته يقول يوم أحد (إرم سعد فداك أبى وأمى). وعن سعد بن أبى وقاص يذكر أن رسول الله جمع له أبويه يوم أحد.

وعن عائشة بنت سعد تذكر عن أبيها سعد: أن النبى قال له يوم أحد (فدى لك أبى وأمى). وعن عائشة بنت سعد عن أبيها سعد بن أبى وقاص أنه قال:

ألا هل أتى رسول الله أنى     حميت صحابى بصدور نبلى

أذود بها عدوهم ذيادا              بكل حزونة وبكل سهل

فما يعتد رام من معد             بسهم مع رسول الله قبلى

ذكر مرض سعد ووصيته :

وقد كره له رسول الله أن يموت بالأرض التى هاجر منها فدعا له فشفى وكانت وقتها لديه ابنة واحدة، ومن هنا كان حديث الوصية الشهير للصحابى سعد بن ابى وقاص: فعن عمرو بن القارى: أن رسول الله ، قدم فخلف سعداً مريضاً حيث خرج إلى حنين، فلما قدم من الجعرانة معتمراً دخل عليه وهو وجع مغلوب. وعن ثلاثة من ولد سعد عن سعد: أن رسول الله دخل عليه يعوده وهو مريض وهو بمكة فقال: يا رسول الله لقد خشيت أن أموت بالأرض التى هاجرت منها كما مات سعد بن خولة فادع الله أن يشفينى، فقال (اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً)! فقال: يارسول الله إن لى مالاً كثيراً وليس لى وارث إلا ابنة أفأوصى بمالى كله؟ قال (لا)، قال: أفأوصى بثلثيه، قال (لا)، قال: أفأوصى بنصفه؟ قال (لا)، قال: أفأوصى بثلثه؟ قال (الثلث والثلث كثير، إن نفقتك من مالك لك صدقة، وإن نفقتك على عيالك لك صدقة، وإن نفقتك على أهلك لك صدقة، وإنك أن تدع أهلك بعيش- أو قال: بخير- خير من أن تدعهم يتكففون الناس). وعن عبد الرحمن الأعرج قال: خلف رسول الله على سعد بن أبى وقاص رجلاً فقال (إن مات سعد بمكة فلا تدفنه بها).

وفى رواية أخرى عن سعد بن أبى وقاص قال: مرضت فأتانى رسول الله يعودنى فوضع يده بين ثديى فوجدت بردها على فؤادى ثم قال (إنك رجل مفؤود فأت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب، فمره فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن بنواهن ثم ليلدك بهن). وفى رواية أخرى قال سعد بن ابى وقاص: فما زلت يخيل إلى أنى أجد برد يده على كبديى حتى الساعة.

وفاته :

عمر سعد بن أبى وقاص كثيرا، وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير، ولكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال كفنونى بها فانى لقيت بها المشركين يوم بدر وانى أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا. وعن مصعب بن سعد قال: كان رأس أبى فى حجرى وهو يقضى، قال: فدمعت عيناى فنظر إلى فقال: مايبكيك أى بنى؟ فقلت: لمكانك وما أرى بك، قال: فلا تبك على فإن الله لا يعذبنى أبداً وإنى من أهل الجنة، إن الله يدين المؤمنين بحسناتهم ماعملوا لله، قال: وأما الكفار فيخفف عنهم بحسناتهم فإذا نفدت قال: ليطلب كل عامل ثواب عمله ممن عمل له. وقيل: إن سعد بن أبى وقاص مات بالعقيق فحمل إلى المدينة ودفن بها. وسُئل ابن شهاب: هل يُكره أن يُحمل الميت من أرض إلى أرض؟ قال: فقد حُمل سعد بن أبى وقاص من العقيق إلى المدينة.

وعن السيدة عائشة : أنه لما توفى سعد بن أبى وقاص أرسل أزواج النبى أن يمروا بجنازته فى المسجد، ففعلوا فوقف به على حجرهن فصلين عليه وخرج به من باب الجنائز الذى كان إلى المقاعد، فبلغهن أن الناس عابوا ذلك وقالوا: ماكانت الجنائز يدخل بها المسجد، فبلغ ذلك السيدة عائشة فقالت: ماأسرع الناس إلى أن يعيبوا مالا علم لهم به، عابوا علينا أن يمر بجنازة فى المسجد وما صلى رسول الله على سهيل بن بيضاء إلا فى جوف المسجد.

وعن عائشة بنت سعد قالت: مات أبى رحمه الله فى قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة فحُمل إلى المدينة على رقاب الرجال وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والى المدينة، وذلك فى سنة خمس وخمسين، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة.و كان آخر المهاجرين وفاة، ودفن فى البقيع.
 

من كتب الطبقات الكبرى وحلية الأولياء والكواكب الدرية.

مدحت عمر

 

 

من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصحابة فى موقع الأحباب

أسرة التحرير