كان .. ما .. كان

سيدنا موسى 3

 

المرة اللى فاتت انتهينا من أمر قوم سيدنا شعيب ... والمرة دى نستكمل ما حدث لسيدنا موسى لما وصل مدين، ربنا قال إيه؟ ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّى أَنْ يَهْدِيَنِى سَوَاءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَى مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الْأَمِينُ قَالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ القصص 22: 28.

سيدنا موسى خرج من مصر إلى مدين بغير زاد ولا ظهر، وبينهما مسيرة أكثر من أسبوع ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، فلما وصل مدين وجد بئراً وأناس كثير طالبين الماء غير أن هناك امرأتين تنتظران وقيل: أن اسم الكبرى صفورا والصغرى ليا، وسألهما سيدنا موسى فقالتا: ننتظر حتى ينتهى القوم، فاتجه سيدنا موسى إلى بئر على رأسه صخرة لا يرفعها إلا أربعون من الرجال فنحاها بنفسه واستقى لهما الماء من هذا البئر ثم قرب غنمهما فشربت حتى رويت ثم سرحهما مع غنمهما ثم تولى إلى الظل ليستريح من عناء السفر.

ثم قال: رب إنى بسبب ما أنزلت إلى من خير الدين صرت فقيراً فى الدنيا لأنه كان عند فرعون فى ملك وثروة، فقال ذلك رضى بهذا البدل وفرحاً به وشكراً له. وكمان ده دعاء بيطلب فيه سيدنا موسى خير ربنا بشدة بقوله أنه فقير إليه وفى حاجة له.

فلما رجعتا إلى سيدنا شعيب قال لهما: ما أعجلكما قالتا: وجدنا رجلاً صالحاً رحمنا فسقى لنا، فقال لإحداهما: اذهبى فادعيه لى، ثم جاءته إحدى المرأتين -قيل أنها صفورا- تدعوه للضيافة وهى على استحياء وقالت ﴿إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فقام يمشى والسيدة صفورا تمشى أمامه لتعرفه الطريق فهبت الريح فكشفت عنها فقال سيدنا موسى كونى خلفى وصفى لى، فلما دخل على سيدنا شعيب فإذا الطعام موضوع، فقال سيدنا شعيب تناول يا فتى، فقال سيدنا موسى أعوذ بالله قال سيدنا شعيب ولمَ؟ قال لأنى من أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهباً، فقال سيدنا شعيب ولكن عادتى وعادة آبائى إطعام الضيف فجلس موسى فأكل، وإنما كره أكل الطعام خشية أن يكون ذلك أجرة له على عمله، ولم يكره ذلك مع الخضر حين قال ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا الكهف 77، والفرق أن أخذ الأجر على الصدقة لا يجوز، أما الاستئجار ابتداءً فغير مكروه، وقال سيدى فخر الدين :

ومن آيَاته استئجار موسى     كإمهار لبنت المدينى  (30/26)

ثم قص عليه ما كان من أمره فيما مضى من فرعون، فقال: أنا موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب وذكر له جميع أمره من لدن ولادته وأمر القوابل والمراضع والقذف فى اليم، وقتل القبطى وأنهم يطلبونه ليقتلوه، فقال سيدنا شعيب ﴿لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أى لا سلطان له بأرضنا فلسنا فى مملكته.

ثم قالت احدى بنات سيدنا شعيب ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الْأَمِينُ.

وقد وصفته بالقوة لما شاهدت من كيفية السقى وبالأمين وبالأمانة من غض بصره حال ذودهما الماشية وحال سقيه لهما وحال مشيه بين يديها إلى أبيها.

ومن سادتنا صحابة سيدنا رسول الله اللى قال فى الموضوع ده "أفرس الناس ثلاثة: من قال ﴿أَكْرِمِى مَثْوَاهُ يوسف 21، ومن قالت ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾، وأبو بكر حينما استخلف عمر".

فقال سيدنا شعيب ﴿إِنّى أُرِيدُ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتى هَاتَيْنِ على أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِىَ حِجَجٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ.

وقال سيدنا موسى ﴿سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾، فقال ﴿ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ﴾، قيل أى العهد الذى بيننا.

وقال فى لطائف المنن: ﴿ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ؛ قصداً لشكر الله تعالى على ما ناله من النعمة يعنى: نعمة الظل الحسى وجعله أصلاً فى استعمال الطيبات، وتناولها بقصد الشكر، ومثله في التنوير. وفى سنن أبى داود عن عائشة قالت (كان يُسْتعذب له الماء من بُيوت السُّقيا)، قال ابن قتيبة: هى عَيْنٌ ، بينها وبين المدينة يومان. وكان الشيخ ابن مشيش يقول لأبى الحسن "يا أبا الحسن، بَرِّد الماءَ؛ فإن النفس إذا شربت الماء البارد؛ حمدت الله بجميع الجوارح، وإذا شربت الماء السخن؛ حمدت الله بكزازة".

ثم نتمهل حتى نقص عليكم باقى القصة

أحمد نور الدين عباس