الأدب مع حبيب الله
محاولة منا أن نكون مؤدبين فى وقت غاب
الأدب
عنا لكل من هو كبير، فإذا أردنا عودة الأدب فيجب أن نبدأ بالأدب مع
الرأس لأن الرأس أم الجسد ورأس الكون سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم، فإذا وصلنا ذروة الأدب أو حتى بداية الأدب معه
فنجد تبارك وتعالى فى محكم
تنزيله
يقول
﴿لِّتُؤْمِنُواْ
بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلا﴾
فقد قال الإمام القرطبى رضوان الله تبارك وتعالى عنه
﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾
أى تعظموه وتفخموه، والتعزير: التعظيم والتوقير، وقال الصحابى الجليل
سيدنا قتادة
أما قوله سبحانه
﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾
أى
تسودوه،
وتسودوه أى تقرنوا اسمه الشريف
بلفظ السيادة أخذاً بقاعدة (الأدب فوق الامتثال) وذلك يتجلى عندما سأل
الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين سيدنا رسول الله
وقيل أيضا فى معنى ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾ أى تعظموه لأن التوقير هو التعظيم والترزين كما أورده صاحب المعجم الوجيز فى مادة (رزن) ويقال: ترزن الرجل فى مجلسه: أى توقر، كما يقال: رزُن فلان أى وقُر وحلُم وسكن، وأيضا الرزان: الوقور من النساء، وكل هذا فى معاجم اللغة التى نفتقدها ولا ندريها ثم نجادل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
كما نجد أيضا أن حرف (الهاء)
فى
كلمتى الآية الكريمة
﴿وَتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ﴾
يعود إلى حضرة النبى وليس هذا الأدب تفضلا منا عليه، بل هو أولا تحقيق لكتابه سبحانه وإن شئت راجع آيات سورة الحجرات، وثانيا لأنه أصل أصيل له صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وثالثا لأنه معظم فى ذاته، وكيف معظم فى ذاته؟ لنعرج سويا إلى أسرار الإسراء نجد أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، صلى إماما بالأنبياء والمرسلين ركعتين فى المسجد الأقصى، وهذا لا ينكره أحد على الإطلاق، ومن شروط صحة الصلاة التماثل، أى لا يصلى الإنس بالجن، أو العكس، وكذلك لا يصلى أحد الأحياء إماما بجماعة أموات والعكس، وهنا سؤال كيف يصلى الحبيب المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه إماما بالأنبياء والمرسلين مع أنهم جميعا -شريعة- أموات؟!!
o
فإذا قلنا أنهم أرواحا
فيجب
أن يكون الحبيب المصطفى
o وإذا قلنا صلوا أجسادا فيجب أن تعود أرواح الأنبياء والمرسلين إلى أجسادهم ليتحقق شرط التماثل فى الصلاة. ولكى يتم حل هذا اللغز تجد أن جسده صلوات ربى وسلامه عليه أصفى وألطف من أرواح جميع الأنبياء والمرسلين .. وهنا يتحقق شرط التماثل فى الصلاة.
وانظر لعظمة هذا الجسد حين اخترق ما عجز عن اختراقه رئيس الملائكة وهنا لا وصف بل صمت بل أبلغ وصف ما قاله الحبيب المحبوب فيما يرويه لنا الإمام الطبرانى والإمام السيوطى (أن الله عز وجل دون سبعين ألف حجاب من نور وظلمة وما يسمع من نفس شيئا من حس تلك الحجب إلا زهقت).
ونقف هنا أيها القارئ
العزيز .. لكى نأخذ نفساً وننتبه لما هو آت، فبعد هذه الرحلة النورانية
وبعد أن يخترق الحجب التى تحرق حتى كبير الملائكة يكون النداء (قف إن
ربك يصلى) هل رب العزة يصلى؟!! ويصلى لمن؟!! عفوا بل قل: يصلى على من؟
إنه سبحانه يصلى على الحبيب المصطفى، والدليل قوله تعالى
﴿إِنَّ
اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ ...﴾
أى عظمة هذه .. وأى جسدية هذه .. وأى روحانية هذه، ويصدق السيد إبراهيم
الدسوقى حين قال: (اللهم صل على الذات المحمدية .. اللطيفة الأحدية)
لقد وصفها
الثَّنَا يَرْهَبُ الثَّنَاءَ عَلَيْكُمْ الثناء يرهب الثناء عليه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وذلك حتى لا يخوض بجهل فيما لا يدرى عنه شئ .. ومن شدة أدب الحبيب المحبوب وحرصه على الأمة، يلمح لمن كان له قلب أو ألقى السمع بحديثه الشريف حتى لا نضل طريق الجنة فيقول (من نسى الصلاة علىَّ فقد أخطأ طريق الجنة) وقال أصحاب الفقه أن معنى من نسى هنا ليس النسيان بل المقصود الترك عمدا، وذلك كما قال سبحانه ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ فليس تقدير السهو هنا النسيان. واسمحوا لى أن أقف هنا لأتنفس الصعداء عند قوله سبحانه ..
وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ... وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ... وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ونأخذ مهلة نفكر فى الطاعة .. فنجد مرة يضع سبحانه كلمة (أطيعوا) بين الله والرسول وأخرى يحذفها ويضع حرف (الواو) ولا يضع (ثم) لماذا؟!! لعدم التراخى بينهما، ولأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من طاعة الله، بل جعل الله سبحانه طاعة حبيبه المصطفى أهم من نصرة دينه سبحانه وذلك يتجلى فى غزوة أُحُد عندما كان النصر للمسلمين وعندما خالف البعض كلام حضرة النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم انتصر أهل الشرك .. والباقى تعرفونه حق المعرفة. محمد المصرى
|
||
ومن أراد الاستزادة
فليطلع على
موقع النبى
أسرة التحرير |
||
![]() |
||
|