النبوة والجسد
تعودنا سوياً أن نتحدث عن ذات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ولكننا اليوم سنتحدث عن وجود نبوته قبل ذاته الشريفة... استناداً لقول الحق سبحانه ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ المائدة 15، بأن النور هو سيدنا محمد صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم كما أخذ بذلك ابن عجيبة والطبرى والجلالين وغيرهم. فعندما تعلقت إرادة الحق بإيجاد خلقه، أبرز الحقيقة المحمدية، ثم سلخ منها جميع العوالم، كما فى سابق إرادته وعلمه، ثم أعلمه سبحانه بنبوته وبشره برسالته، هذا وسيدنا آدم لم يكن إلا كما قال صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم (بين الروح والجسد) ثم انبجست من حضرته عيون الأرواح، فظهر صلوات ربى وسلامه عليه فى الملأ الأعلى بالمنظر الأجلى، فكان لهم المورد الأحلى، فهو الجنس العالى على جميع الأجناس. ولما دار الزمان وآن الأوان إلى وجود جسمه الشريف ظهر صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم بكليته جسماً وروحاً، فهو خزانة السر وموضع نفوذ الأمر، فلا ينفذ أمر إلا منه، ولا ينقل خير إلا عنه. ففيما أخرج الإمام مسلم فى صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبى صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم أنه قال (إن الله عز وجل كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) فكان من جملة ما كتب (أن محمداً خاتم النبيين) كما قال سبحانه فى سورة الأحزاب ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ الأحزاب 40، والقرآن كما تعلمون هو كلام الله القديم.
وفى رواية للإمام أحمد حينما سأله سائل: متى كنت نبيّا؟ قال (وآدم بين الروح والجسد). وقال رجل يارسول الله، متى استنبئت؟ قال (وآدم بين الروح والجسد، حين أخذ منى الميثاق) رواه ابن سعد فى الطبقات من رواية جابر الجعفى، فيما ذكره ابن رجب.
وفى جزء من أمالى أبى سهل
القطان
عن سهل بن صالح الهمدانى، قال: سألت أبا جعفر محمد بن على: كيف صار
محمد
وعن ميسرة الفجر قال: قُلْتُ يَارَسُولَ اللهِ مَتَى كُتِبْتَ نَبِيًّا قَالَ (وآدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ) فتحمل هذه الرواية على وجوب نبوته وثبوتها وظهورها فى الخارج، لأن الكتابة تستعمل فيما هو واجب كما قال سبحانه ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ﴾ البقرة 183، وقال أيضاً ﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ﴾ المجادلة 21. فإن قلت: إن النبوة وصف فلابد أن يكون الموصوف به موجوداً، فكان صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم أول الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً. ويقول الشيخ تقى الدين السبكى: إنه قد جاء أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد فيحمل الحديث (كنت نبيّا) إلى روحه الشريفة أو إلى حقيقة من الحقائق، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها، وإنما يعلمها خالقها ومن أمده الله بنور إلهى، فحقيقته صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم موجودة من ذلك الوقت وإن تأخر جسده الشريف المتصف بها. وإذا كان المراد من ظهور نبوته مجرد العلم بما يحدث مستقبلاً لم يكن له خصوصية بأنه نبى وآدم بين الروح والجسد، لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم فى ذلك الوقت وقبله، فلابد من خصوصية له ولأجلها أخبر بهذا الخبر وهو إعلام أمته ليعرفوا قدره عند الله تعالى.
وعن الإمام على بن
أبى
طالب
وقوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ آل عمران 81، إلى قوله ﴿وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ آل عمران 81، قال الشيخ تقى الدين السبكى: فى هذه الآية الشريفة من التنويه بالنبى صلوات ربى وسلامه عليه وآله وسلم وتعظيم قدره العلى ما لا يخفى، وفيه مع ذلك: أنه على تقدير مجيئه فى زمانهم يكون مرسلاً إليهم، فتكون رسالته ونبوته عامة لجميع الخلق، من زمن آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته، ويكون قوله (وبعثت إلى الناس كافة) -انظر البخارى ومسلم- لا يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضاً.
ويتبين بذلك معنى قوله
(كنت
نبيّا وآدم بين الروح والجسد) ثم قال: فإذا عرف هذا فالنبى
ووجود نبوته قبل
جسده
كان لها أكبر الأثر فى حياة سيدنا آدم ولله در سيدى على وفا حين قال: سكن الفؤاد فعش هنيئاً ياجسد هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد روح الوجود حياة من هو واجد لولاه ما تم الوجود لمن وجد عيسى وآدم والصدور جميعهم هم أعين هو نورها لما ورد لو أبصر الشيطان طلعة نوره فى وجه آدم كان أول من سجد أو لو رأى النمروذ نور جماله عبد الجليل مع الخليل ولا عند لكن جمال الله جل فلا يرى إلا بتخصيص من الله الصمد محمد المصرى
|
||
ومن أراد الاستزادة
فليطلع على
موقع النبى
أسرة التحرير |
||
![]() |
||
|