كنت
قاعد فى مكتبى لقيت واحد من زملاء العمل بيقول: يا إخواننا علينا بشرع
الله والحكم بيه، وإلا اللى ما بيحكم بما أنزل الله دول الكفار، قلت له
يا عم انت إيه الحكاية؟ أول مرة أشوفك دلوقت قاعد تتكلم فى الدين، فينك
من زمان؟ قال لى ربنا هدانى، قلت له ربنا هداك تقوم تكفر باقى الناس
اللى معاك!! سبحان الله إيه الهداية العجيبة دى؟!! وبعدين سألته: انت
سمعت الكلام ده فين؟ قال لى فى خطبة الجمعة اللى فاتت لقيت الخطيب
بيقول كده، قلت له: وان شاء الله انت ناوى تكفر الناس عشان سمعت الخطيب
بيقول كده، ألم تسمع حديث المصطفى
بعدين قلت له: تعالى كده نمسكهم واحدة واحدة. قال لى: هم إيه دول اللى
هانمسكهم؟ قلت له: الآيات اللى انت بسببهم بتقول الكلام ده، وهم
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا
النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا
وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ
اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ
وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِى ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ •
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ
بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ
تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ • وَقَفَّيْنَا عَلَى
آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ
وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى
وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ • وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ قلت له تعرف الآيات دول فى سورة إيه
والمشايخ بتوع زمان لما فسروهم قالوا فيهم إيه؟ قال لى لأ، قلت كمان ما
عارفهم فى أى سورة من القرآن الكريم ولا اللى قبلنا قالوا فيهم إيه،
طيب ياعم قاعد تتكلم وتفتى ليه؟!! عشان سمعت كلمتين فى خطبة بقى الدين
كله عندك، وتبتدى فى أصعب حاجة فيه وهى تكفير الناس بغير علم ... عامة
أنا برضه مايخلصنيش تفضل كده مش عارف، أقول لك ياسيدى حاجة عن الآيات
دى: أولاً الآيات دى فى سورة المائدة ابتداء من الآية رقم 44 إلى 47،
ثانيا السورة دى نزلت بعد الفتح، عارف فتح إيه؟ فتح مكة طبعا، فالسورة
دى مدنية، ومدنية دى أصل القصة والموضوع، لأن الموضوع كان كلام زى ماهو
واضح فى الآيات كلام لليهود والنصارى، لكن فى زماننا ده مسكوا بس فى
جزء من الآيات وهو ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ و﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ و﴿وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ عشان
فيه ناس بتشوف الشئ اللى فى المجتمع مش ماشى مع مفهومهم للدين ده يبقى
حرام وكفر، نرجع لقصتنا، مسكوا فى أجزاء الآيات دى وبس، ومن هنا كان
تكفيرهم للناس،
أولا: فى تفسير الإمام الرازى: قال فيه: اعلم أن هذا تنبيه من الله
تعالى لليهود، وقال أيضاً عن سيدنا عكرمة
ثانياً: فى تفسير الإمام ابن كثير أن الآيات نزلت فى طائفتين من
اليهود، وقال على بن أبى طلحة، عن ابن عباس
قلت له شفت ازّاى طلع الموضوع هين وبسيط، وبعدين تحب أزيدك كمان؟ قال لى زدنى، قلت له تسمع عن حاجة اسمها العفو، قال لى يعنى إيه؟ قلت له إذا عفى المجنى عليه عن الجانى كانت هذه كفارة له، قال لى: آه. قلت له: معنى كده إن المجنى عليه مش عاوز الحكم بما أنزل الله وهو القصاص؟!! فسكت وقعد يهز فى رأسه.
قلت
له: تلاقى الناس اللى دايماً بيقولوا الكلام بتاعك ده وموضوع الحكم بما
أنزل الله يقصدوا بيها الحدود، تعرفها طبعاً،
قلت:
إيه رأيك فى كلام الناس دول؟ نظر إلى باستغراب شديد وقال لى: طيب إزاى
الراجل كان فى الخطبة قاعد يقول كده؟ قلت له: أنا وانت مش مشكلتنا فى
كده، دى مشكلة اللى بيسمع ويصدق من غير ما يتحقق، قلت له: وكمان فيه
مشكلة تانية أكبر انت مش واخد بالك منها، وهى دى المصيبة الكبيرة، وهى
إنك تقعد تسمع للتلفزيون مثلاً تلاقى واحد قاعد يكلم الناس كلام غلط فى
غلط، والناس منساقة وراه، بسبب عدم علمهم بالنصوص أو الحقيقة فين، لكن
لو كل واحد واخد باله كويس إنه هاييجى يوم من الأيام ويكون فيه فى مكان
مظلم لا يرى فيه نفسه، طبعاً عارف أنا باتكلم عن إيه بالظبط؟ قال لى:
أيوه هو فيه غيره "القبر". قلت له: بالظبط دلوقت فهمتنى، طالما الإنسان
متيقن من اليوم ده، مش خايف لما ييجى يسألوه الملكين انت قلت الكلام ده
ليه؟ هايرد يقول إيه ساعتها؟ هايقولهم أنا سمعت الراجل فى التلفزيون
بيقول كده!! والا هايقول لهم زى حالاتك أنا سمعت الراجل فى خطبة الجمعة
بيقول كده!! طيب فرضاً هو هايقول كده، طيب والملكين هايعملوا إيه
بقى؟!! اللهم احفظنا وسلمنا يا كريم، والله دى مصيبة كبيرة فعلاً، لما
الواحد
قال
لى: توبة إن كنت أقول كلام مش فاهمه كويس أو من غير ما اتأكد من سنده
الصحيح واللى قبلنا قالوا فيه إيه، قلت له نصيحتى ليك أهم حاجة هى إنك
تتأكد من مصدر الكلام اللى بيقولوه الناس، وإوعى حد يقول لك آية
ويفسرها لك من رأسه وتمشى وراه أو يقول لك حديث ويفسره لك من رأسه
وتمشى بيه، لازم تتحرى الدقة وتتأكد من سند كلامه وتفسيره ده، هل فيه
حد من الصحابة أو التابعين قالوه؟ وقلت له: تعرف أبو حصين؟ قال لى أبو
حصين مين؟ قلت له ده واحد قال عنه الإمام الذهبى فى كتاب سير أعلام
النبلاء إنه كان إمام حافظ واسمه عثمان بن عاصم بن حصين، من أهل
الكوفة، وقالوا عنه "لا ترى حافظاً يختلف على أبى حصين" من شدة حفظه
لأحاديث سيدنا رسول الله
سامر الليل
|
||
من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصوفية فى موقع الطريقة البرهانية. أسرة التحرير |
||
|