مازلنا معاً فى الحديث عن المحبة فى الله لما لها من أثر كبير إصلاح
الفرد الذى يعود علينا أيضاً بإصلاح المجتمع ذاته، فلا شك إذا نبذ كل
مِنّا الأخلاق الذميمة التى هى مصدر كل رذيلة، وتحلى بالأخلاق الكريمة
واقتدى بهدى الحبيب المصطفى
فقد
روى الإمامين البخارى ومسلم فى صحيحيهما عنه
وفى
صحيح الإمام عنه
وقال
الجنيد: ما تواخى اثنان فى الله عزّ وجلّ فاستوحش أحدهما من صاحبه
واحتشم منه إلاّ لعلّة فى أحدهما، ومن ذلك ما روى عن النبى
وفى خبر: (كان أفضلهما) وفى الخبر الآخر (أحب الإخوان إلى الله عزّ وجل أرفقهما بصاحبه).
وروى
الإمام أحمد فى مسنده عن مجاهد عن أبى ذر قال: خرج إلينا رسول الله
وأورد ابن كثير فى تفسيره أن النسائى والحاكم رويا أن هذه الآية نزلت فى المتحابين فى الله ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ الأنفال 8: 63، وعن مجاهد عن قال: إذا تراءى المتحابان فى الله، فأخذ أحدهما بيد صاحبه، وضحك إليه، تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر.
فسبحان الله العزيز الحكيم، فإلى هذا الحد يكون جزاء التحابب فى الله
وفائدته، فباللقاء والمصافحة فقط تتحاتت الخطايا والذنوب والآثام، ولكم
يصرفنا إبليس اللعين وجنوده عن تلك الفائدة، ويبعدنا إلى دائرة
الكراهية والعداوة والتباغض والتحاسد، كى لا نغنم هذه النعمة العظيمة
ونجنى ثمارها، وهى التحابب فى الله، فلتنظروا معى أحباب الحبيب
وكانت المحبة فى الله أيضاً من علامات الإيمان، فقد روى الطبرانى فى
معجميه الأوسط والكبير والبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن مسعود أنه
وروى الترمذى والدارمى فى سننيهما والإمام أحمد فى مسنده أنه
وفى تفسير قولى تعالى ﴿وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ﴾ النساء 4: 69، فالحق سبحانه وتعالى يُعلِمنا بأنه من يرضى بأحكامه ورسوله ويمتثل بأوامرهما وينتهى بنهيهما فهو مع أكرم الخلق عند الله تعالى وقال الإمام البيضاوى أن الحق سبحانه وتعالى قسمهم إلى أربعة أقسام بحسب منازلهم فى العلم والعمل، وحث كافة الناس على ألاَّ يتأخروا عنهم، وهم: - الأنبياء الفائزون بكمال العلم والعمل، المتجاوزون حد الكمال إلى درجة التكميل. - الصديقون الذين صعِدت نفوسهم تارة بمراقى النظر فى الحجج والآيات، وأخرى بمعارج التصفية والرياضات إلى أوج العرفان، حتى اطلعوا على الأشياء وأخبروا عنها على ما هى عليها. - الشهداء الذين أدى بهم الحرص على الطاعة والجد فى إظهار الحق، حتى بذلوا مُهَجَهُم فى أعلاء كلمة الله. - الصالحون الذين صرفوا أعمارهم فى طاعته، وأحوالهم فى مرضاته، ولك أن تقول المُنعَمُ عليهم هم العارفون بالله، وهؤلاء إما أن يكونوا بالغين درجة العيان، أو واقفين فى مقام الاستدلال والبرهان.
عبد الستار الفقى
|
||
|
||
من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع صفحات الصوفية فى موقع الطريقة البرهانية. أسرة التحرير |
||
|