|
وجدتنى أتسائل فى هذه الفترة من الزمان عن أحوال الناس
وتباين آرائهم عن التصوف ومعناه وما ينسبه البعض لهؤلاء القوم وهم على
خلاف ذلك، فوجدت سبب ذلك كله هو عدم الرجوع إلى الأصول، وعدم أخذ
المعلومة من مصادرها الصحيحة، والقول بالرأى والهوى وفى هذا الأخير قال
الإمام على بن أبى طالب
هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة، فيقال: رجلٌ صوفى، وللجماعة صوفيَّة، ومن يتوصل إلى ذلك يقال له: متصوف، وللجماعة: المتصوفة. وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق. والأظهر فيه: أنه كاللقب، فأما قول من قال: إنه من الصوف، ولهذا يقال: تَصوَّف إذا لبس الصوف كما يقال: تقمص إذا لبس القميص، فذلك وجه. ولكن القوم لم يختصوا بلبس: الصوف!! ومن قال: إنه مشتق من الصفاء، فاشتقاق الصوفى من الصفاء بعيدٌ فى مقتضى الله. وقول من قال: إنه مشتق من الصف، فكأنهم فى الصف الأول بقلوبهم فالمعنى صحيح، ولكن اللغة لا تقتضى هذه النسبة إلى الصف. وتكلم الناس فى التصوف: ما معناه؟ وفى الصوفى: من هو؟ فكلُّ عبر بما وقع له. واستقصاء جميعه يخرجنا عن المقصود من الإيجاز وسنذكر هنا بعض مقالاتهم فيه على حدِّ التلويح، إن شاء الله تعالى. وسئل أبو محمد الجريرى عن التصوف، فقال: الدخول فى كل خلق سنى والخروج من كل خلق دنىّ. وسئل الإمام الجنيد عنه فقال: هو أن يميتك الحق عنك، ويحييك به. وسئل الحسين بن منصور عن الصوفى، فقال: وحدانى الذات لا يقبله أحد، ولا يقبل أحداً. وسُئل عمرو بن عثمان المكىّ عن التصوفَّ، فقال: أن يكون العبد فى كل وقت بما هو أولى به فى الوقت. وقال محمد بن على القصاب: التصوّف: أخلاق كريمة ظهرت فى زمان كريم من رجل كريم مع قوم كرام. وسئل سمنون عن التصوف فقال: أن لا تملك شيئاً ولا يملكك شىء. وسئل رويمٌ عن التصوف فقال: استرسال النفس مع الله تعالى على ما يريده. وسئل الجنيد عن التصوف فقال: هو أن تكون مع الله تعالى بلا علاقة. وقال رويم بن أحمد البغدادى: التصوف مبنى على ثلاث خصال: التمسك بالفقر والافتقار إلى الله، والتحقق بالبذل والإيثار، وترك التعرض والاختيار. وقال معروف الكرخى: التصوف: الأخذ بالحقائق، واليأس مما فى أيدى الخلائق. وقال الجنيد: هم أهل بيت واحد، لا يدخل فيهم غيرهمُ. وقال أيضا: التصوف: ذكر مع اجتماع، ووجد مع استماع، وعمل مع اتباع. وقال أيضاً: الصوفيَّ كالأرض، يُطرح عليها كل قبيح، ولا يخرج منها إلا كلُّ مليح. وقال الشبلي: التصوف الجلوس مع الله بلا هَم. وقال الجريرى: التصوف مراقبة الأحوال، ورومُ الأدب. وقال المزين: التصوف الانقياد للحق. وسئل ذو النون المصرى عن أهل التصوف فقال: هم قوم آثروا الله عز وجل على كل شىء فآثرهم الله عز وجل على كل شىء. وقال أبو يعقوب المزايلى: التصوف حال تضمحل فيها معالم الإنسانية. وقال أبو سهل: التصوف الإعراض عن الاعتراض.
ونجد من هذه التعريفات للتصوف والصوفية أمرا واحدا تدور
حوله وهو علاقة العبد مع خالقه أو انشغال العبد بربه ولا يكون الانشغال
إلا بالذكر كما قالت السيدة رابعة العدوية (فشغلى بذكرك عمن سواك) وكان
الشاغل الأساسى لهؤلاء القوم هو ذكر الله والصلاة على الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وسلم ولما كان هذا هو شاغلهم عرفهم لنا الإمام فخر الدين
متصوف |
||||
إن الإسلام الحقيقى هو اتباع لما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله
وسلم عن الله سبحانه وتعالى والإيمان به مع الإذعان وقد نقلت إلينا
تعاليم الإسلام من النبى
كل هذه الأسماء لم تكن على عهد رسول الله
فالشهداء [من الاستشهاد فى سبيل الله] والمخبتين [من التواضع]
والصادقين [من الصدق فى أعمالهم وأقوالهم وسرائرهم مع الله] وكذلك فى
مجال المهن فى جميع الأزمنة والعصور [كالمهندس والطبيب والحداد
والنجار.. الخ] وكل واحد منهم سمى بذلك نسبة لعمله وكذلك نسبة إلى
القبائل والأوطان مثل سيدنا محمد
ومنهم من قال: إن التصوف نسبة إلى لبس الصوف الخشن، لأن الصوفية كانوا يؤثرون لبسه للتقشف والاخشيشان، وهو شعارهم.
قال
سيدنا الإمام الكبير أحمد الرفاعى
وقيل [من الصف]: لأنهم فى الصف الأول بين يدى الله عز وجل بارتفاع همهم إليه وإقبالهم عليه ووقوفهم بسرائرهم بين يديه. ومنهم من قال [من الصفة] لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم﴾ سورة الكهف آية 28، وهذا يستقيم معنى لا اشتقاقا وأهل الصفة هم الرعيل الأول من رجال التصوف فقد كانت حياتهم التعبدية الخالصة المثل الأعلى الذى يهدفه رجال التصوف فى العصور الإسلامية المتتابعة. ومنهم من قال: من الصوفة لأن الصوفى مع الله تعالى كالصوفة المطروحة لاستسلامه لله تعالى. ومنهم من قال: من الصفة إذ جملته اتصاف بالمحاسن وترك الأوصاف المذمومة وقيل: (من الصفوة) يعنى أنهم صفوة الله من خلقه. وقيل: كان هذا الاسم فى الأصل صفوى واستثقل ذلك وجعل صوفيا ومنهم من قال: لفظ كلمة التصوف أربعة أحرف: التاء والصاد والواو والفاء . فالتاء: من التوبة ، والصاد: من الصفاء، والواو من الولاية، والفاء: من الفناء. ومنهم من قال: إن مشتق من [صوفة] وذلك أن قوما كانوا فى الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله تعالى وقطنوا الكعبة فمن تشبه بهم من الناس سموا بالصوفية . وقال الإمام القشيرى رحمه الله: ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر أنه كاللقب يعتبر اسم الصوفى اسما جامدا أو لقبا أطلق على هذه الطائفة يميزها عن غيرها. وذكر المستشرق نيكلسون نقلا عن المستشرق [نولدكه]: منكرا أن تكون الكلمة راجعة إلى أصل يونانى أو بوذى أو غيره.. لا يوجد دليل إيجابى يرجح افتراض أن الكلمة مشتقة من الأصل اليونانى [سوفوس] فى حين أن نسبتها إلى الصوف يؤيدها نصوص من أقوال الكُتَّاب المسلمين أنفسهم ... ثم ذكر [نولد كه] طائفة من الأدلة على كلامه وأنهم كانوا يلبسون الصوف وخصوصا منهم الزهاد. |
||||
الجروب العام للطريقة البرهانية/الفيس بوك |
||||
من أراد الاستزادة فى هذا الموضوع فليتتبع هذه الروابط: http://burhaniya.org/sofism.htm http://burhaniya.org/sofism/s_order.htm http://burhaniya.org/sofism/s_order_t6.htm وباقى صفحات الصوفية فى موقع الطريقة البرهانية أسرة التحرير |
||||
|