|
تعظيم الحبيب من علماء أهل المغرب ومن أئمة أهل الحديث فى عصره هو القاضى عياض، كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، وها نحن قد قاربنا إلى نهاية القرن التاسع على رحيله، وللاستزادة فى المعرفة عن هذا العالم الجليل ممكن الرجوع إلى كتاب الأعلام للزركلى، ونجد هذا العالم الجليل أفرد لنا كتابا من أهم المراجع الدينية التى تتحدث عن الحبيب المصطفى وذلك من حيث صفاته وخصائصه وأوصافه وهو كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" وما قصدته هنا هو أن أضع بين أيدكم بعض سطور من هذا الكتاب، والتى تحدث فيها عن تعظيم الحبيب المصطفى وإقسام الله تعالى بحياته، فقال ما نصه: قال الله تعالى ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ الحجر 72 اتفق أهل التفسير فى هذا أنه قسم من الله بمدة حياة محمد ، وأصله ضم العين من العمر ولكنها فتحت لكثرة الاستعمال، ومعناه: وبقائك يا محمد، وقيل: وعيشك، وقيل: وحياتك، وهذه نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف. قال ابن عباس : ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد . وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره، وقال أبو الجوزاء: ما أقسم الله تعالى بحياة أحد غير محمد قال ابن عباس : ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد لأنه أكرم البرية عنده، وقال تعالى ﴿يس والقرآن الحكيم﴾ يس 1, 2 الآيات، اختلف المفسرون فى معنى ﴿يس﴾ على أقوال، فحكى أبو محمد مكى روى ابن عباس عن النبى أنه قال: (لى عند ربى عشرة أسماء) ذكر منها أن طه ويس اسمان له، وحكى أبو عبد الرحمان السلمى عن جعفر الصادق "أنه أراد (يا سيد) مخاطبة لنبيه". وعن ابن عباس ﴿يس﴾ يا إنسان أراد محمدا، وقال هو قسم. وقال الزجاج قيل معناه (يا محمد) وقيل (يا رجل) وقيل (يا إنسان)، وعن ابن الحنفية: يس يا محمد. وعن كعب: يس قسم أقسم الله تعالى به قبل أن يخلق السماء والأرض بألفى عام: يا محمد إنك لمن المرسلين، ثم قال ﴿والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين﴾ فإن قدر أنه من أسمائه قال ابن عباس : وصح فيه أنه قسم كان فيه من التعظيم ما تقدم، ويؤكد فيه القسم عطف القسم الآخر عليه وإن كان بمعنى النداء فقد جاء قسم آخر بعده لتحقيق رسالته والشهادة بهدايته، أقسم الله تعالى باسمه وكتابه أنه لمن المرسلين بوحيه إلى عباده وعلى صراط مستقيم من إيمانه، أى طريق لا اعوجاج فيه ولا عدول عن الحق، قال النقاش: لم يقسم الله تعالى لأحد من أنبيائه بالرسالة فى كتابه إلا له . وفيه من تعظيمه وتمجيده على تأويل من قال إنه (يا سيد) ما فيه، وقد قال قال ابن عباس عنه (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وقال تعالى ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ البلد 1، 2 قيل لا أقسم به إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه حكاه مكى، وقيل لا زائدة أى أقسم به وأنت به يا محمد حلال أو حل لك ما فعلت فيه على التفسيرين، والمراد بالبلد عند هؤلاء مكة، وقال الواسى: أى يحلف لك بهذا البلد الذى شرفته بمكانك فيه حيا، وببركتك ميتا يعنى المدينة، والأول أصح لأن السورة مكية وما بعده يصححه قوله تعالى ﴿حل بهذا البلد﴾ ونحوه قول ابن عطاء فى تفسير قوله تعالى ﴿وهذا البلد الأمين﴾ قال: أمنها الله تعالى بمقامه فيها وكونه بها فإن كونه أمان حيث كان ثم قال تعالى ﴿ووالد وما ولد﴾ من قال أراد آدم فهو عام ومن قال هو إبراهيم وما ولد فهى إن شاء الله تعالى إشارة إلى محمد فتتضمن السورة القسم به فى موضعين. وقال تعالى ﴿الم ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾ البقرة 1، 2 قال ابن عباس: هذه الحروف أقسام أقسم الله تعالى بها، وعنه وعن غيره فيها غير ذلك وقال سهل بن عبد الله التسترى: الألف هو الله تعالى واللام جبرئيل والميم محمد ، وحكى هذا القول السمرقندى ولم ينسبه إلى سهل وجعل معناه الله أنزل جبريل على محمد بهذا القرآن لا ريب فيه، وعلى الوجه الأول يحتمل القسم أن هذا الكتاب حق لا ريب فيه، ثم فيه من فضيلة قرآن اسمه باسمه نحو ما تقدم، وقال ابن عطاء فى قوله تعالى ﴿ق والقرآن المجيد﴾ ق 1، 2 أقسم بقوة قلب حبيبه محمد حيث حمل الخطاب والمشاهدة ولم يؤثر ذلك فيه لعلو حاله، وقيل هو اسم للقرآن، وقيل هو اسم لله تعالى، وقيل جبل محيط بالأرض، وقيل غير هذا، وقال جعفر بن محمد فى تفسير ﴿والنجم إذا هوى﴾ النجم 1، إنه محمد وقال: النجم قلب محمد ، هوى انشرح من الأنوار وقال انقطع عن غير الله وقال ابن عطاء فى قوله تعالى ﴿والفجر وليال عشر﴾ الفجر 1، 2 الفجر محمد لأن منه تفجر الإيمان. من كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى بتصرف. خالد محمد |
||
ومن أراد الاستزادة فليطلع على موقع النبى أسرة التحرير |
||
|