والعذب هو الشىء المستساغ من الطعام والشراب وغيرهما
ويقال عذب اللسان مثلا وعذب الكلام. وأما السلسبيل: فقيل أنه اسم عين فى الجنة، وقيل الخمر
أيضاً وفى هذا يقول سيدى فخر الدين
:
من مشربى هذا سقيت أحبتى |
|
خمر المعـانى حسـنها فضاح |
فالشراب هنا إنكشاف عن معانى وعلوم لها حلاوة وحسن،
تحُدث لشاربها تغييراً، وحالاً حسناً ليس كحال خمر الدنيا المحرمة
شرعاً فإنها تُخل بالعقول وأما التى يتحدث عنها شيخنا رضوان الله تعالى
عنه فهى خمر إلهية ثمرة القراءة والتدبر والتدارس فى
علوم الصالحين
وكتبهم، ولقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وعلي آله وسلم أنه قال: (على
رأس كل مائة عام يبعث الله للأمة من يجدد لها أمر دينها). أو كما قال
.
ولهذا المعنى
يقول
:
جل من يحيى علوما |
|
بعد ما بلغت عتـيا |
ووجدنا العالم الربانى الإمام النخجوانى فى كتابه تفسير
القرآن الكريم المسمى بـ(الفتوحات الإلهية والمفاتح الغيبية) حيث يقول:
(عينا) جارية (فيها) مملؤة بماء الحياة الأزلية الأبدية السرمدية (تسمى
سلسبيلاً) لهدايتها وإرشادها الى مشرب التوحيد وبحر الوحدة الذاتيه
كأنها تلقى وتلقن تلك العين المترشحة من بحر الحياة الأزلية الأبدية
لأرباب العناية بقولها: سل أيها الطالب الحائر فى بيداء الطلب سبيلاً
الى الوحدة الحقيقية الحقية وأسترح عندها. وبذلك نفهم من كلام شيخنا
بعد الرجوع الى الإصطلاح الصوفى وتفسير السيد النخجوانى
أن علوم شيخنا
التى يفتح علينا بها فى ظهورها وانكشافها والمكنى عنها بالذوق تغير من
حال المريد فيترك الخُلق السىء ويتحلى بالأخلاق الحميدة والعقيدة
السليمة ويصح توحيده فهى من الخمر الإلهى الذى يسقى منه الأبرار كما
جاء فى قوله عز وجل ﴿يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفى ذلك فليتنافس
المتنافسون﴾ لنيل هذا الشراب العذب فى مذاقه المستساغ فى طعمه السهل فى
وصوله الى الروح والوجدان الهادى الى الطريق المستقيم.
هذه العلوم أودِعها فى قلوب أحبتى على سبيل الكنزيه
كلما احتاجوا اليها نضحنا بها من قلوبهم فتظهر على ألسنتهم فكانوا
مضرباً للأمثال وكانوا ملجأً لكل حيران تائه فى هذه البيداء يبحث عن
طريق.
نفعنا الله به وبعلومه
.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم.
محمد مقبول
|